Tuesday, March 18, 2008

في الحماية الشعبية والدفاع عن الحريات ومواجهة الملاحقة السياسية

مؤتمر الحماية الشعبية والدفاع عن الحريات
ام الفحم 15/3/2008

كلمة امير مخول
رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات

مؤتمرنا اليوم هو محطة في توضيح التحدي وتعزيز الصمود، مؤتمر تصعيد النضال ومؤتمر مواجهة الحقيقة باننا نواجه اجراما سياسيا منهجيا منظما على مستوى دولة بأعلى مستوياتها وبكل اجهزتها وعلى المستوى الشعبي الاسرائيلي. نواجه ما خصّتنا اسرائيل به ضمن عدوانها المتواصل على الشعب الفسطيني وعلى الحق الفلسطيني. نواجه دولة عرّفنا رئيس مخابراتها قبل عام باننا نحن الفلسطينيين في الداخل خطرا استراتيجيا على الامن القومي الاسرائيلي، وأكمل تعريفه قبل بضعة ايام عندما دعا رئيس الشاباك الحكومة الى ايلاء الاهتمام الخاص بالجماهير العربية. دولة تدفع بنا يوميا الى المواجهة والى الصدام اذ قررت كما يبدو اختيار هذا التوقيت وهذه الحالة لفرض هذا الصدام. وفي هذا مؤشر الى نوايا اسرائيل في توسيع عدوانها في المنطقة.

اننا في وضعية تصعيدية حوّلتنا الى جمهور ومجموعة قومية في خطر وعلينا مواجهة هذا الواقع بكل جدية. اننا امام عملية استباحة لحقوقنا، لوجودنا وحتى لحياتنا تتداخل فيها الدولة بأجهزتها المختلفة وعصابات الاجرام السياسي الاسرائيلي من ناحية، وتتقاسم في المقابل الدور مع المنظمات الصهيونية العالمية التي تغزو مجتمعنا هادفة الى تجزيئنا وتشتيتنا واضعاف مناعتنا الوطنية نحن الجزء المنظم من الشعب الفلسطيني الى ما يسمونه معسكر المعتدلين ومعسكر المتطرفين، والمتطرف والمعتدل يقاسان على اساس القبول بقواعد لعبتهم ويهودية دولتهم، واذا نجحوا في احداث الشرخ بيننا فان دورهم سيسهل.

اننا نأخذ رسالتهم السياسية على محمل الجد ونأخذ مؤامراتهم الفعلية ومخططات الاغتيال السياسي ايضا على محمل الجد. ونحن نتعامل مع انفسنا باقصى درجات الجدية والمسؤولية عن انفسنا وعن كل شعبنا، ولذلك نؤكد ان اقصر الطرق لمواجهة الملاحقات السياسية الرسمية هو مواجهتها منظمين وواضحين لا تأتأة ولا تردد وكل ثمن ندفعه في كفاحنا سندفع اضعافه لو توانينا وطأطأنا رؤوسنا. سنكسب المعركة ونكسب كرامتنا القومية ونحمي انفسنا ودورنا.

واذ انكشف في الايام الاخيرة مخطط لاغتيال كما اسموه "شخصة عربية مقربة من الاقصى" من قبل عصابات اسرائيلية شبه عسكرية فان الايدي التي تنوي التنفيذ هي من ذات الصوت في المركز السياسي الاسرائيلي، وبتواطؤ واضح من اجهزة الدولة بما فيها الشرطة التي لم تأل جهدا بتنبيه الشيخ رائد بهذا الخطر الحقيقي على حياته. من يخططون للاغتيال السياسي لشخصيات قيادية عربية في الداخل ليسوا هامشيين بل في مركز الحياة الاسرائيلية وضمن التيارات المركزية الحاكمة. ومن يواصل مساعيه لتصفية القيادات الفلسطينية في كل مكان فلن يخرج من حساباته ملاحقة وتصفية قيادات فلسطينية في الداخل. لا توجد لدينا اوهام. فالقامع هو ذاته الحاكم وهو الحكم وهو صاحب القانون القمعي في تعامله معنا الذي يظهره دائما كما لو كان ضحية ضحاياه.

لسنا هواة سجون قسرية ولسنا هواة منفى قسري، ففي السجن منفى وفي المنفى سجن، وكلاهما قسري وكلاهما مؤقت مهما طال. وفي كليهما ندفع ثمن مواجهتنا مع الدولة القمعية. وامتحاننا هو ضمان تضامننا وتكافلنا رغم الاختلافات وحتى رغم الخلافات – التضامن والتكافل هما واجب ومسؤولية وقد نجحت جماهيرنا في ترسيخهما. فاستهداف الدولة لاي طرف من هذا الجسم هو استهداف للجسم كله واضعاف له، وحماية اي جزء هي حماية للجسم كله. وتضامننا وتكافلنا الوطني هما السد امام اختراقنا. ولن يستفيد أحد من استهداف الدولة للآخر.

لقد خطت اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات خطواتها الاولي – من هذه المدينة - قبل خمسة اعوام استدراكا لمستوى التحديات. وبدأت تتبلور خلال اعتقال الشيخ رائد صلاح وقادة الحركة الاسلامية واسهمت في استقطاب كل قوى ومؤسسات جماهير شعبنا للمعركة حتى اطلاق سراح الشيخ رائد وزملائه وافشال مخطط الدولة لترهيبنا وتجريم عملنا السياسي الوطني.
وان انتهت تلك المحكمة فان المعركة لم تنته بعد، وهذه الايام تحيك الدولة بجهازها القمعي الببوليسي والمخابراتي والقضائي ملفا جديدا قديما لتجريم المعركة دفاعا عن القدس والاقصى والمقدسات. والتي نؤكد مجددا هنا ان صلابة موقفنا الجماعي ستكون اقوى بكثير مما كانت عليه خلال المحكمة السابقة وسنفشل مخططهم بدون شك.

قامت اللجنة الشعبية بدورها في التصدي لاعتقال الزميل محمد كناعنة سكرتير حركة ابناء البلد وملاحقة حركته ومؤسساتها، والذي سنستقبله مجددا محررا خلال فترة وجيزة.
وفي هذا الصدد نحيي بشكل خاص اسرى الحرية والسجناء والسجينات السياسيين الذين اطلق سراحهم مؤخرا.

قامت اللجنة بدورها في الحملة السلطوية الرسمية والاعلامية والقضائية على رئيس التجمع الوطني الدمقراطي د. عزمي بشارة ولا تزال معتبرة ان المنفى هو قسري وقاس وثمن باهظ, وهو بالنسبة لنا مؤقت مهما طال وتطالب بالغاء ملف ملاحقته وتتصدى لمحاولة اسرائيل تجريم عمله السياسي. ونقوم بدورنا من اجل ايقاف الحملة المتواصلة على حزب التجمع وكوادره وقياداته الملاحقة هذه الايام بحجة العلاقة مع البعد العربي الاقليمي الطبيعي بالنسة لنا. وندعو ايضا الى وقف ملاحقة رجال الدين الدروز الذي زاروا سوريا.
علاقتنا مع العالم العربي هي علاقة طبيعية وحق طبيعي نسعى لممارسته - لم ولسنا ولن نكون جسرا للتطبيع كما يريدون لنا. بل سنمارس حقنا رغم قمعهم.

لم يلاحق شخص او حزب او حركة او هيئة شعبية واهلية والقيادات الطلابية في الجامعات والشخصيات الفنية والادبية والاعلامية من اية جهة واية فئة واي تيارالا وكانت اللجنة الشعبية جاهزة متحفزة دفاعا عمن يلاحق بذات المعيار وذات الجدية. فالجاهزية العالية والمستدامة هي حاجة وهي مسؤولية وطنية، لاننا لا نعيش في فراغ ولا نأتمن الدولة ولا اجهزتها لا الامنية بالطبع ولا المدنية ، فما يحمينا ويحمي وجودنا هو جاهزيتنا وتنظيمنا ومشروع صمودنا وتطورنا. وفي هذا المؤتمر نسعى الى تعزيز هذه الجاهزية والى تقوية المناعة الوطنية في وجه القمع وفي وجه الاغراء، في مواجهة عصاهم وفي مواجهة جزرتهم. ولا يوهمنا أحد بأن معركتنا هي محصورة مع الجهاز الامني الاسرائيلي القمعي المكشوف، وانما ايضا مع الجهاز المدني بما فيه القضائي والاعلامي والاكاديمي التي تتقاسم ادوار القمع والملاحقات وتشرعنها وتبيّض صفحة الدولة وممارساتها. وفي هذا نؤكد ان اللجنة الشعبية تعنى بالملاحقات السياسية من قبل الدولة واجهزتها وليست هيئة لمتابعة كل مظاهر العنصرية التي لا تعد ولا تحصى حيث توجد مؤسسات تعنى بها. االلجنة الشعبية هي اطار يعتمد على رصيد شعبنا لتعزيز الارادة الجماعية وتنظيمها وزيادة فاعليتها.

يقوم الشاباك في العام الاخير بتظاهرة اثبات حضوره ويسعى الى اعادتنا الى ذهنية الحكم العسكري والترهيب الذاتي والرقابة الذاتية وفقدان الثقة بالنفس فرديا وجماعيا، فيستدعي الشاباك شخصيات حزبية واهلية الى مقابلات يسميها "محادثة" ليوصل رسائله الى من يستدعيهم والى من لا يستدعيهم. تصدينا ونتصدى لهذا اولا بفضح هذه الممارسات، ونحن ندعو كل من يتعرض لمثل هذه الدعوات الى تبليغ لجنة الحريات والسعي الى عدم التجاوب مع هذه الدعوات. ولن يخيفنا ثمن الموقف الممانع.

في هذا الصدد تجري التحضيرات لاستقدام لجنة تقصي حقائق دولية من خيرة الشخصيات القانونية والمؤسسات الحقوقية في العالم لاعداد تقرير حول طبيعة الملاحقات السياسية الاسرائيلية ضد القيادات والمؤسسات العربية الفلسطينية. وحول تقاسم ادوار القمع بين الاجهزة الامنية والقضائية والمدنية الاسرائيلية. وكنا نجحنا باطلاع عشرات المؤسسات الدولية وحركات التضامن وحركات المقاطعة الاقتصادية والاكاديمية والثقافية لاسرائيل حول هذه الممارسات القمعية، وكلها تساعدنا في كسب الاعتراف بجدارة قضايانا وفي خلق حزام امان الى جانب الحماية الشعبية والمناعة الوطنية التي نوفرها بقدراتنا الذاتية. وان كانت اسرائيل تشن حملة لكسب الاعتراف بيهوديتها كي تتنصل من مسؤوليتها تجاه حقوقنا وحقوق شعبنا في الوطن، فان حركات المقاطعة ومناهضة التطبيع عالميا وعربيا يجب ان تكون حليفنا.

الملاحقة السياسية ليست هي الهدف لدى جهاز القمع الاسرائلي بل هي اداة واستراتيجية عمل حيث من اهداف الملاحقات السياسية اضعاف دور هذا الجزء المنظم من الشعب الفلسطيني وفرض فك الارتباط بيننا وبين شعبنا، بيننا وبين وطننا وبيننا وبين قضية شعبنا – قضيتنا الفلسطينية، وفك الارتباط مع البعد العربي والاسلامي والدولي، ومحاصرتنا كما لو كنا قضية اسرائيلية داخلية نعمل ضمن معادلة الولاء الصهيونية لا الانتماء الى الوطن. ومعيار مثل هذا الولاء حدده مؤخرا المجلس الصهيوني ضمن الوكالة الصهيونية - هو القبول بالاسرلة وبالخدمة المدنية الاسرائيلية ومعاداة نضال شعبنا ومقاومته الاحتلال، والقبول بتصنيفنا بين معتدلين ومتطرفين وبين طوائف وجهات، وخلق قيادات واطر قيادية بديلة تقبل بيهودية الدولة، اي القضاء على بنيتنا النضالية. لكنا اثبتنا دائما اننا في كل مواجهة نخرج اقوى واكثر مناعة وتنهار قواعد لعبتهم. لانه مقابل قانونهم القمعي الظالم يوجد قانوننا قانون حياة الشعوب العادل.

سنواصل تضامننا وتكافلنا الداخلي الكفاحي، سنواصل تقاسم الهم الفلسطيني المشترك مع باقي اجزاء شعبنا في الوطن والشتات، سنواصل دورنا في بلورة وتعزيز مشروع العودة. وسنواصل دورنا في الدفاع عن اسرى شعبنا – اسرى الحرية وعن مقدسات شعبنا ونواصل دورنا لانهاء الاحتلال والاستيطان والتخلص من جدار الفصل العنصري ونتصدى لجرائم اسرائيل في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وسنواصل مناهضتنا للمشروع الصهيوني وليهودية دولة اسرائيل الهادفة الى تصفية حقوق شعبنا في الوطن والشتات وخلق البيئة لعملية تطهير عرقي واقتلاع اضافي ضدنا. وسنسهم بشكل فعال في استعادة شعبنا كله لعافيته ولوحدته ولمشروعه الوطني التحرري.

علمنا تاريخ شعبنا ان عدالة قضيتنا هي من اغلى ما نملك في مسيرتنا الكفاحية لكن العدالة وحدها لا تكفي للحماية ولن تحرّك التضامن لا الداخلي بيننا ولا الخارجي معنا. فالصمود والنضال الشعبي واضح المعالم هما المحرّك للتضامن ولاستنهاض قوى الشعب التي لا تنضب. لسنا مجتمعا ضعيفا... لم نحقق اي انجاز منذ 1948 الا بقدر ما ناضلنا وضحينا من اجله. ولن يتحقق اي انجاز لوقف مسلسل الملاحقات الا بمواجهتها ونحن منظمين وعلينا ان نواجه مرحلة صدامية مفروضة فيها ثمن للموقف.

فالنضال المنظم هو حق وهو مسؤولية وطنية، اتفاق على الجوهر وتحييد للصغائر، لاننا نملك قضية عادلة – قضية شعب نواجه تحديات في اقصى درجات الخطورة ونملك طاقات لا تنضب اذا نجحنا في استنهاضها وتنظيمها وهذا تحدينا.

ان اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات والمنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية هي نوع جديد من التنظيم المؤسساتي الشعبي، وهي اداة لاستقطاب اوسع القوى من اطر ومؤسسات وافراد المعنيين بالعمل وتقاسم الهم المشترك لتدعيم وتعزيز دور لجنة المتابعة العليا، واللجنة مفتوحة امام كل القوى والاوساط الوطنية المعنية بالاسهام دون استثناء، وعليه نوجه نداءنا الى الى المعنيين بأخذ دور فعال في الدفاع عن حرياتنا السياسية – مصدر قوتنا – وحمايتها في وجه الملاحقات السياسية ان ينضموا الى اللجنة الشعبية، كي نراكم التجربة النضالية وكي نبني ونطور مؤسساتنا ونعزز تنظيم مجتمعنا ونحمي وجودنا وحقوق شعبنا.

والسلام عليكم