Thursday, May 28, 2009

مناورات اسرائيل علينا وليست لنا

فلسطينيو الـ48 ومناورات الجبهة الداخلية الاسرائيلية:

مناورات إسرائيل – علينا وليست لنا
امير مخول

هناك حالة من الترقب تجاه المناورات الإسرائيلية الأشمل ومتعددة الأذرع والتي ستجري في الثاني من حزيران وبالذات في الجبهة الداخلية. وتؤكد المؤسسة الأمنية واجب الامتثال لأنظمة المناورات. وعمليا إنها مناورات تحاول إغلاق الدائرة على الدروس المستفادة من اخفاق اسرائيل في حرب لبنان الثانية.
المناورات العسكرية الإسرائيلية جارية باستمرار وتتواصل منذ العام 2006 ويحركها هاجس الانتقام من المقاومة اللبنانية التي كشفت أمرا جوهريا أن إسرائيل لا تستطيع كل شيء، وبالإمكان إخفاقها وحتى إنزال الهزيمة بمشروعها العدواني. وعمليا حرب لبنان الثانية شكلت أيضا نهاية إحدى ركائز الإستراتيجية الإسرائيلية العسكرية التاريخية التي انطلقت من ان الحرب أي حرب يجب ان تكون استباقية قدر الإمكان وان تجري في "ارض العدو" بعيدا عن حدود إسرائيل وأبعد عن الجبهة الداخلية. لكن حرب لبنان حوّلت المدن والبلدات الإسرائيلية إلى جبهة مفتوحة ضمن حرب مفتوحة.
مناورات الجبهة الداخلية تأتي بعد العدوان الإسرائيلي على غزة والذي اتضح خلاله ورغم هوله ان المقاومة الفلسطينية بقيت صامدة وان العدوان الإسرائيلي لم يحقق أهدافه. ولم يستطع ان يحمي البلدات الإسرائيلية في الجنوب من صواريخ المقاومة والتي فاق مردودها السياسي مفعولها العسكري الفعلي.
المناورات الإسرائيلية تستهدف المنطقة وتسعى إلى استقدام سيناريو حرب شاملة تشارك فيها محور الممانعة أو "التطرف" كما يطلقون عليه من إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية والفلسطينية. كما أنها تستهدف مواطن القوة لدى مركبات هذا الاصطفاف، وتستهدف كل من يرفده.
في عدواني 2006 و2009 اتضح بشكل غير مسبوق قوة المركّبين المعنوي والإعلامي في الحرب. وقوة الشارع في التحرك. وفي هذه المناورات تريد المؤسسة العسكرية والمخابرات الإسرائيلية أن يزجّوا بنا في خانتهم، أي خانة الإعداد للحرب، ومن غير شعبنا الفلسطيني ووشعوب المنطقة وحركاتها المقاومة مرشحين لتبعات العدوان الإسرائيلي؟ إنها مناورات للإعداد لعدوان.
عن الترهيب وادارة الصراع

ان استدعاء الشاباك المكثف للشباب وللقيادات في السنوات الثلاث الأخيرة أي بعد حرب لبنان 2006 وأكثر خلال وبعد عدوان غزة الأخير هدفت ضمن ما هدفت إليه الترهيب وكسر إرادة الشباب الفلسطيني من ناحية، لكن ايضا جس النبض واستخلاص النتائج بأنه لن يكون بمقدور الدولة وأجهزتها القمعية والترهيب السياسي أن تكسر إرادة وشوكة جماهير شعبنا، ولا احتوائها، وعليه وهذا ما يمثله التيار الذي يقوده رئيس الشاباك يوفال ديسكين فان اتجاه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو التصادم مع الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل قبل ان تزداد قوتها وتعزز تنظيمها ضمن ما يسمى "ضربة استباقية" وقد قام ديسكين بالتعبير عن ذلك في أوائل 2007 عندما أعلن في تقرير له للحكومة سعى ان يصل الإعلام، بان الجماهير الفلسطينية في الداخل هي خطر استراتيجي.
وجاء المجلس الصهيوني وهو الذراع التنفيذي للوكالة اليهودية في العام ذاته بمشروع وثيقة الولاء العربي للدولة اليهودية سواء بالترغيب ام بالترهيب ام كليهما معا. وتبع ذلك تعديل رقم 9 لقانون المواطنة الإسرائيلي في صيف العام 2008 والذي نص على صلاحية وزير الداخلية في مصادرة مواطنة العربي بناء على معادلة الولاء ذاتها، وتسيبي ليفني القائمة بإعمال رئيس الحكومة ووزيرة خارجية اسرئايل السابقة والتي دعت فلسطينيي الداخل إلى تحقيق أمانيهم القومية في دولة فلسطين أو كما أرادتها دولة الفلسطينيين لتبرير "الدولة اليهودية" و "دولة اليهود". والان تأتي سلسلة القوانين ذات الصلة بتحديد الولاء للدولة اليهودية وقانون منع احياء يوم النكبة والمس بذكرى قيام اسرائيل واحتفاليته، وهي قوانين ترجمتها العملية تعني عدوانا ومجزرة في مواجهة ارادة شعب يحترم تاريخه وحاضره ويسعى لتحرره واستعادة حقوقه حماية شرعية وجوده.

الجانب المعنوي في حرب لبنان والسعي الإسرائيلي للتعامل معنا في الداخل اما دروعا بشرية للسياسة والخطاب الإعلامي الإسرائيلي او فعلا وميدانيا كما حدث من خلال التضليل الإعلامي والتلاعب في اسماء المواقع وسقوط صواريخ المقاومة. اعلاميا في المقابل حاولوا تسويقنا كما لو كنا في خندقهم وأن شاطئ الأمان لهم ولنا هو ذاته.. والخطر عليهم وعلينا هو ذاته. هذا ما ارادوا لنا ان نشعر به ونسلك وفقه لكن بالتأكيد لا يسري عليهم بل هدفهم ان نسهم حتى ولو قسرا في مجهودهم الامني وفق تعريفه الجديد. او على الاقل ان نكون "حياديين" في حال العدوان وفي الإعداد له.
لكن وان كانوا يفكرون بهذه العقلية، وهذا واقع، علينا قيادات ومؤسسات وأطر وطنية ان نكون جاهزين ليس فقط لعدوان إسرائيلي استباقي بل أيضا لما سيسبقه من عدوان داخلي استباقي أيضا يشمل اعتقالات واستخدام أنظمة طوارئ وأنظمة إدارية لاستبعاد القوى الوطنية القيادية عن دورها وعزلها عن جماهيرها. ومن دروس ادارة الصراع انه سيكون من المأساوي ان لا نكون جاهزين لكل احتمال، او الركون الى ما اتبع في الجولة السابقة منه وكأنه ما سيجري في المستقبل ايضا وعدم توقع ان كل الأطراف تتعلم الدروس.
المعنى الاخر للجبهة الداخلية..
ما يسترعي الانتباه والتعامل الجدي اكثر من السابق هو المعلومات الجديدة وليس الجوهر الجديد. فقد اعترف الإعلام الإسرائيلي مؤخرا بوجود مخططات عسكرية للتعامل مع الفلسطينيين في الداخل، بما فيها وجود كتيبة كاملة من جيش المشاة تتدرب في الضفة الغربية وبالذات على حرب المدن وحرب الشوارع لكن الهدف منها هو معالجة سلوك الجماهير العربية في الداخل. وهذه الكتيبة ووحدات عسكرية اخرى كما كشف موقع nrg التابع لصحيفة معاريف بتاريخ 5 ايار 2009 سوف تكون من المهام المناطة بها محاصرة بلدات عربية في منطقة المثلث وبالذات ام الفحم واحتلالها عمليا ومنع الاقتراب من الشوارع الرئيسية ومنع مراقبة التحركات العسكرية وحركة الإمدادات العسكرية الى الحدود الشمالية مرورا من وادي عارة وفقا للمصدر اياه.
وكما يؤكدnrg وتحت عنوان "التخوف: في حالة الحرب سينتفض عرب اسرائيل" فان الجيش الاسرائيلي أعد خططا لمواجهة حرب شاملة "قد يندمج فيها عرب اسرائيل"، وتشمل الخطط اعداد وحدات عسكرية مدربة لهذه المهام تعمل في الضفة وتنضم في حال الحرب الى الجبهة الداخلية للجيش وتعمل ضمن الخطط العسكرية والقيادة العسكرية. ناهيك عن القول ان هذه قواعد عمل الجيش في حالة حرب تختلف عن الشرطة جوهريا. وما اتضح ايضا ان خطط الجيش في هذا الصدد ليست بامر جديد بل كانت دائما استعدادات لهذه المهمة.

عمليا في مناوراتها الاسبوع القادم سوف تضعنا اسرائيل وجيشها وقيادة اركانها نحن الفلسطينيين العرب ضمن اهداف تدريباتها، وستكون المناورات علينا ويريدون منا ان نتعامل كما لو كانت مناورات لنا بحجة توفير الحماية لنا بسبب "مواطنتنا" وان نطيع اوامرهم. انها مناورات تسنهدف كامل شعبنا وليس فقط في الداخل والشعوب العربية وحركات المقاومة. وان كنت اعتقد ان استهداف أي جزء من الشعب الفلسطيني هو استهداف لكل الشعب وحقوقه، لكن البعد الاضافي للتدريبات العسكرية والمناورات فيما يخص وادي عارة فيها تلميح لما تخططه فعليا اسرائيل من احتلال اضافي لمدن وبلدات المثلث بما فيه تهجير وتشريد اضافي وحتى اعادة رسم حدود للمنطقة، ولا ننسى المخطط الاسرائيلي الذي جرى طرحه ضمن حل الدولتين وفق المفهوم الاسرائيلي والداعي الى تبادل سكاني او اعادة رسم الحدود بشكل يضمن الكتل الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية والقدس تحت سيادة "الدولة اليهودية".
واذ يتطلب منا الامر ان نؤكد ضرورة التحرر الذاتي من الوهم الذي تعكسه احيانا محاججات فلسطينية داخلية، بأن اسرائيل تتعامل معنا في الداخل بأساليب الاحتلال في الضفة والقطاع، أي بمفهوم اننا مواطنين ونتوقع ان نكون "محميين" من خلال "مواطنتنا"، الا ان اسرائيل تعيدنا الى الجوهر والواقع بانها تتعامل مع الفلسطيني اينما كان كخطر استراتيجي ومن زاويتها العسكرية الاحتلالية ليس الا.

28/5/2009