Friday, September 19, 2008

بيان اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) في مواجهة التشهير بسمعته

19/9/2008

بيان اتحاد الجمعيات العربية - اتجاه
بشأن التشهير الوارد في صحيفة "حديث الناس"

قامت صحيفة حديث الناس (بتاريخ 12/9/2008) وضمن زاوية "عصفورة" التي يحررها الصحفي وديع عواودة باسم "تمارا" بالقذف والتشهير بحق اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) ومديره العام امير مخول، وذلك بنشر خبر ملفق بعيد عن الحقيقة ودون ادنى اصول واخلاقيات الصحافة التي تتطلب أخذ رد المتضررين والمشهّر بهم قبل نشر الخبر على الاقل لاخذ ردهم. والجهة ذات الشأن في هذه الحال هي اتحاد الجمعيات.

ودون اية مبالغة فان الخبر وكما نشر اقرب الى الوشاية بمؤسسة وطنية تتحدى كل مؤسسات شعبنا الاهلية والسياسية والجماهيرية اذا كان لدى اي منها مواصفات أعلى من اتحاد الجمعيات في كل ما يتعلق بالاداء السليم والاستقامة ودفع ثمن الموقف والشفافية والاستقلالية والائتمان على المصلحة العامة. هذا الاتحاد الذي بلور ميثاقا اخلاقيا منذ ثلاث سنوات يفوق في مواصفاته وممارساته ما يتطلبه قانون الجمعيات من مواصفات الاداء.

فتحت عنوان "2000 يورو" تم نشر الخبر المذكور بشكل فيه مس وتشهير باتحاد الجمعيات ومديره وبصورة العمل الاهلي ومؤسسات شعبنا وبقضية الاسرى عامة.

والى موضوع الخبر وردّنا عليه فاننا نؤكد انه بتاريخ 14/9/2006 نظم اتحاد الجمعيات اجتماعا طارئا للجمعيات والمؤسسات العربية شارك فيه العشرات من الجمعيات (مرفق البيان الصادر عن الاجتماع المذكور) حيث بحث كيفية مواجهة قرار وزير الامن الاسرائيلي اغلاق جمعية انصار السجين العضو في اتحاد الجمعيات وفي ادارته في حينه. وقد اكد اتحاد الجمعيات ان الموقف الذي يتبناه هو رفض قرار وزير الامن الاداري الارهابي والسعي لضمان مشروع الاسرى والمعتقلين الذي قامت به جمعية انصار السجين موضوعا تتبناه الجمعيات العربية ولن تدع وزير الامن الاسرائيلي ينال من قضية الاسرى والمعتقلين، بكل ما في ذلك من تبعات تحدي قرار الوزير بيرتس في حينه. آخذين بالحسبان ان جمعية انصار السجين اصبحت تنظيما غير قانوني تم حلّه وفق القانون الاسرائيلي ولا يستطيع "اتجاه" التعامل معها كاطار رسمي كما لا يستطيع القيمون عليها التعامل معها بشكل رسمي او العمل من خلالها.

وقد تبنى اتحاد الجمعيات خلال الاجتماع مقترح مشروع المساعدات الانسانية للاسرى والمعتقلين. وقد قام اتحاد الجمعيات بمتابعة المساعي للحصول على تمويل لهذا المشروع وفعلا تم التجاوب الحصول على دعم بمبلغ 20,000 يورو تضمنت تفاصيلها اتفاقية موقعة بين اتحاد الجمعيات والجهة الممولة. وتم تنفيذ المشروع بالشكل الامثل الممكن وفق القانون وبالتنسيق مع الاطراف ذات الصلة وتم تعيين شخصية من خارج طاقم اتجاه لتديره مدفوعة الاجر. وقد تم القيام بذلك باشراف مستشار قانوني ومدقق حسابات قانوني. بكل ما يشمله ذلك من انظمة ادارية ومالية ذات صلة. وجدير هنا التأكيد ان الدعم وكما في كل مشروع ودعم يجري لفترة محددة ابتداء من توقيع الاتفاقية ووصول المبلغ ولغاية عدد محدد من الاشهر تلي ذلك.

كما ننوه الى انه تم تضمين المشروع ضمن التقرير المالي المدقق لاتحاد الجمعيات للعام 2007 وجزء منه سيظهر في تقرير 2008 (وفق تواريخ الصرف) وضمن ملف مالي جاهز للمشروع.

ان قيام صحفي معين او صحيفة معينة بنشر خبر فيه تشويه وقلب للحقائق وفيه تشهير وقذف بمؤسسة وطنية وشخوصها وبشكل خطير فيه مس قانوني بالمؤسسة وشبهات قد تؤدي الى تحقيق سياسي او امني معها هي لعبة خطيرة خارج حدود الحريات الصحفية وخارج حدود الاخلاقيات الوطنية. اننا نؤكد في هذا الصدد ان اتحاد الجمعيات وادارته ومديره العام وطاقمه هو احدى المؤسسات التي دفعت وتدفع ثمن مواقفها الوطنية واخلاقيات عملها, بكل ما في ذلك من ملاحقات وتضييقات سياسية وحصار تمويلي من مؤسسات دولية رسمية وغير رسمية، ويحظى بمعاداة صدامية من قبل مجمل المؤسسات الصهيونية العالمية والاسرائيلية التمويلية وغير التمويلية، وبالذات بسبب هويته الوطنية وبناء كيان مؤسساتي فلسطيني منظم ومتماسك محليا وتواصله الفلسطيني العام والعربي الاقليمي والدولي ودوره القيادي في تقاسم الهم الفلسطيني والعربي ومناهضة التطبيع وتبني قضايا شعبنا كلها بما فيها اللاجئين وحق العودة والاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب، كلها مواقف اصبحت ثوابت اساسية تعكس هوية اتحاد الجمعيات وتنعكس ايضا في سمعته محليا واقليميا عربيا ودوليا وسمعة جماهير شعبنا من خلاله.

االلجنة التنفيذية لاتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) لتؤكد ان الرصيد الوطني والاخلاقي للمؤسسة وللاشخاص فيها هو نتاج مواقف ودفع ثمن مواقف عندما تطلّب ويتطلّب الامر، واننا نتعامل مع رصيدنا وسمعتنا كمؤسسة وكجمعيات وكأفراد كما نتعامل مع رصيد اية مؤسسة وطنية اخرى وسمعتها واي شخص وطني وسمعته ببالغ الاحترام ولا يقل عن الاحترام ببالغ المسؤولية. فرصيد الناس والمؤسسات الوطنية لا نسمح باستباحته وهو ليس مشاعا يعبث به اي شخص او صحفي لامر ما في نفسه او نفس غيره.

اننا نؤكد ما ورد في الميثاق الاخلاقي لاتحاد الجمعيات حول العلاقة مع وسائل الاعلام المحلية:
· نسعى الى تطوير اليات التضامن والحماية لسمعة جمعيات اسيء لها او سمعة هيئاتها التمثيلية ونتصدي لمحاولات الاساءة والنيل من سمعة ممثلي العمل الاهلي التي لا ترتكز الى مبدأ النقد البناء.
· علاقتنا بوسائل الاعلام هي علاقة تبادلية وباتجاهين
· نؤكد على حق النقد البناّء ونعارض كل مس وتشهير

اننا نطالب المسؤولين في صحيفة حديث الناس بتدارك ما يمكن من ضرر ومس وتشهير ا ألحقه الخبر المغرض المذكور, كما ان أقل ما نطالب به الصحيفة والصحفي عواودة هو الاعتذار علنا ورسميا لاتحاد الجمعيات وعلى الملأ ومن على صفحات صحيفة "حديث الناس".

اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه)
اللجنة التنفيذية

Monday, September 8, 2008

المؤتمر السادس لفلسطينيي اوروبا

فلسطينيو اوروبا: المؤتمر السادس لفلسطينيي اوروبا
ستون عاما من النكبة وللعودة اقرب

"ستون عاما من النكبة رؤية من الداخل"

امير مخول
المدير العام لاتحاد الجمعيات العربية (اتجاه)
رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات

الحشد الهائل الفلسطينيون القادمون بآلافهم من كل مكان لنؤكد سوية ان لنا مكان، لنا وطن، لنا فلسطين التي نعود اليها وتعود الينا. هذا الحشد يعيد رسم خارطة فلسطين برونق اهلها من كل مدينة وقرية هدمها لاالمشروع الصهيوني وهجّر اهلها، لكن فلسطين بقيت فيهم واليهم وستبقى كذلك.

احيي بداية الجهات المنظمة لهذا المؤتمر الهام والضروري في لم الشمل الفلسطيني خارج الوطن مؤقتا وهو شرط اساسي للم شملنا جميعا في فلسطين، ليجمعنا الوطن مجددا نحن اللاجئين الصامدين في وجداننا ونحن الباقين الصامدين في الوطن. لتجمعنا فلسطين وهذا ليس شعارا او حنينا فحسب (ولا عيب بالشعار ولا بالحنين) بل مشروعا سياسيا وراءه حلم وارادة شعب وأمّة حتى وان كانت مأزومة ووراءه حق عادل لشعب ووطن.

ستون عاما من النكبة هي مناسبة للشعب الفلسطيني لينظر داخليا، باتجاه التقييم لمساره لكن بالاساس بغية الانطلاق لاحقاق حقوقه معتمدا على قوة ارادته وصموده ومقاومته, وعلى بعده العربي والاسلامي والدولي. انها مناسبة لدعوة لاعادة الاعتبار السياسي والشعبي للثوابت الوطنية الفلسطينية التاريخية

وستون عاما من النكبة المتواصلة بكل معني الكلمة هي تأكيد ان شعبنا قاوم النسيان وهزم المخطط الصهيوني بهذا الشأن، وبقي حلم العودة واعادة بناء الوطن هما المشروع رغم كل الصعوبات بنت اللحظة والتي نعيشها في غزة والضفة والقدس والـ48 والشتات.

رؤية من الداخل؟

عندما طلب مني ان اتحدث عن رؤية من الداخل، راودني اولا السؤال وهل رؤية من الداخل هي خلاف رؤية من الخارج؟؟ او بالاحرى هل رؤية من الداخل يجب ان تكون خلاف الرؤية من الخارج؟؟ وهل دور الداخل هو في الداخل ودور الخارج هو في الخارج، وهل هناك داخل وخارج في مفاهيمنا وهل في المقابل هناك خارج وداخل في رؤية المشروع الصهيوني.؟؟ والحقيقة ان الواقع الفلسطيني الاني يتطلب ان نعيد صياغة مفاهيمنا ونؤكد ثوابتنا ونحدث حالة نهوض في المشروع التحرري الفلسطيني. فهذا المشروع هو ملك كل الشعب الفلسطيني في الشتات والوطن وكل فرد فيه وكلنا شركاء فيه وفي المسؤولية عليه، وعلينا ان نصمم ان حقوق شعبنا لن تكون مرتهنة لتوازن القوى الاقليمي والعالمي، بل اننا نحن الشعب الفلسطيني جماعة وافرادا نؤثر على هذا التوازن. بل نحن الاكثر ثباتا في هذه المعادلة.

وان كان يبدو اليوم وجود رؤية من رام الله, ورؤية من جنين ورؤية من الـ48 واخرى من القدس ورؤية من غزة ورؤية من منظار اوسلو التجزيئي والخاضع اسرائيليا واخرى من منظار التحرر الوطني، فان تحدينا هو توحيد مشروعنا التحرري المبني على احقاق حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدين ان هناك قضية فلسطينية واحدة لا قضايا وهناك حل واحد للجوء وهو العودة ولن تكون حلول او بدائل. وان حدود القضية الفلسطينية ليست حدود احتلال العام 1967 بل حدود احتلال الوطن ونكبة شعبنا عام 1948. وهذه هي حدود مشروعنا، ناهيك عن بعده العربي الاقليمي.

دورنا تجاه الوجود واللاجئين وبلداتهم واملاكهم بمن فيهم المهجرين اللاجئين في وطنهم وصيانة الوطن هو في صميم القضية الفلسطينية ولن تكون عودة من دون الحضور القوي لفلسطينيي الـ48، دورنا تجاه الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب وفي الامس القريب انطلقت في الجليل مسيرة الالوف لدعم اسرى الحرية، دورنا تجاه القدس والاقصى (تحية لدور الحركة الاسلامية)، دورنا تجاه النقب والجليل والساحل والمثلث، دورنا تجاه غزة والضفة واللاجئين، ودورنا في مقارعة المؤسسة الاسرائيلية الكولونيالية العنصرية يوما يوما ومن الداخل.

التطهير العرقي جرى في الـ48 وقبل الـ48 ولا يزال سياسة وجوهر اسرائيل لغاية اليوم – في النقب والجليل يسمونه تطوير (اي اقتلاع وتهويد) وفي المثلث ووادي عارة يسمونه تبادل سكاني وفي المدن الساحلية كما في المواقع المذكورة يسمونه "الغزو العربي". اي يعتبرون ضحايا مشروعهم الكولونيالي العنصري غزاة!!ويسعون لتبييض جرائمهم التاريخية.

يسعون الى فك ارتباطنا بوطننا ومع باقي شعبنا وخلق ولاء قسري للدولة وللمشروع الصهيوني مشوهين الانتماء والهوية والحقوق.. وهذا يقولبوه بما يسمى مشروع "الخدمة المدنية" البديلة للخدمة العسكرية. مشروع دولة استراتيجي تتداخل فيه المؤسسة الامنية والمدنية في مسعى للهيمنة على هوية اجيالنا الصاعدة.

لكن اطمئنكم ان اجيالنا الصاعدة هي خير سلف لخير خلف هم ابناء شعبنا الفلسطيني وهم الذين يتصدرون المبادرات لاحياء انشطة العام الستين من النكبة وهم الكم الاكبر في مظاهراتنا وفي التصدي للظلم وللعدوان على غزة وهم الدلالة ان شعبنا اقوى من النسيان. وهم الذين يتصدون جماعيا للحملة الصهيونية الكبرى على الهوية الفلسطينية وعلى فلسطيني الغد. وكلما حملوا علينا اكثر وكلما زاد قمعهم وملاحقاتهم وعنصريتهم نتجذر اكثر في وطننا ويتجذر وطننا وشعبنا اكثر فينا.


جوهر اسرائيل لم يتغير يوما ... وقوتها هي قوة القامع والظالم الناتجة ايضا من ضعف الضحية... من الضعف الفلسطيني الرسمي واكثر من الضعف العربي...كل تراجع يزيدها قوة نسبية وتعنتا، والمجرم بعد ارتكاب الجريمة يصبح يهاب الضحية ويرتعب من مواجهتها ويحاول ام الهرب او قتل الضحية الشاهدة على الجريمة.

التهجير والاقتلاع جوهر اسرائيل الثابت

اسرائيل لم تصبح اكثر كولونيالية بعد العام 1967 وليست اكثر استعمارية في الضفة والقدس وغزة منهما في الجليل..وعقلية التطهير العرقي والاقتلاع والتهجير لا زالت هي العقلية المسيطرة وهي جوهر قيام اسرائيل.
هناك 42 الف بيت فلسطيني مهدد بالهدم في الـ48، اكثر من 100000 فلسطيني يعيشون في قرى لا تعترف بها اسرائيل ويهدفون الى اقتلاعهم من النقب ومنعهم من اية حقوق اولية لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات صحية ولا شارع ولا عنوان.

الملاحقات السياسية هي سياسة دولة باعلى مستوياتها فرئيس جهاز المخابرات العامة يعتبرنا "خطرا استراتيجيا" وترجمة ذلك هي مسعى متكامل سياسي امني قضائي اعلامي لتجريم عملنا السياسي: الشيخ رائد صلاح وزملاؤه أودعوا السجن على دورهم السياسي وفتاوي القتل تصدر ضده. عزمي بشارة في منفاه القسري وحملة التحريض والملاحقة عليه وعلى حزب التجمع لا تتوقف، محمد كناعنة امين عام ابناء البلد يقضي سنواته في السجن لنستقبله محررا قريبا. ولا يوجد قيادي سياسي وطني لم تجر ملاحقته او الاعتداء عليه.
يحاولون اختراقنا من خلال تصنيفنا بين معتدل اي متأسرل ومتطرف اي وطني فلسطيني. يجري تقاسم الادوار بين اسرائيل كجهاز دولة وبين المنظمات الصهيونية العالمية ليحاولوا بالترهيب والترغيب المالي اسرلتنا وفك ارتباطنا بوطننا فلسطين وبشعبنا، ويسعون جاهدين للحيلولة دون تواصلنا مع البعد العربي والاسلامي والدولي، ويجدون احيانا مخابرات في هذا البلد العربي او ذاك تتواطأ مع مخابراتهم ضدنا وضد شركائنا في الوطن العربي.

يخططون وبدون انقطاع ويعقدون المؤتمرات لتهجير الفلسطينيين من المدن الساحلية المهجرة (التي يسمونها مختلطة لمحو اثار الجريمة)، ومؤتمرات للحد من "الغزو الدمغرافي" العربي في النقب والجليل.. كما لو كانت الدولة ضحية ضحاياها. ومؤتمرات الامن القومي للحد من دور فلسطينيي الداخل ولمنع ما يسمونه منحى "التطرف الفلسطيني". وعندما يخططوا لمشروعهم الاستيطاني فان اهداف استيطانهم في الجليل هي ذاتها اهداف استيطانهم في القدس وانحاء الضفة الغربية. كلها هدفها السيطرة الاستراتيجية وتشتيت الوجود العربي وضمان التفوق اليهودي.


المؤسسة المدنية او الاعلامية او السياسية او القضائية ليست أقل عنصرية من المؤسسة الامنية. جميعها مجتمعة معا تشكل كلا متكاملا في النظام العنصري الكولونيالي.
لا يوجد أوهام ولا سوء تفاهم مع المشروع الصهيوني ولا مع تياراته لا يمينه ولا يساره، لا مؤسسته الامنية ولا السياسية ولا المدنية ولا مع المنظمات الصهيونية العالمية ولا مع الرأي العام الاسرائيلي.

"الدولة اليهودية" التي تسعى اسرائيل والادارة الامريكية فرض الاعتراف بها فلسطينيا وعربيا ودوليا انما تعني منع حق العودة، وتحويل وجود فلسطينيي الـ48 في وطنهم الى غير مفروغ منه وخاضع للاتفاقيات السياسية, ومعناها شرعنة التطهير العرقي ما تم منه منذ ستة عقود واكثر وما يخطط له، وتعني تبييض جرائم الاستيطان في القدس والضفة ومقايضتها بفلسطينيي الـ48. الدولة اليهودية تعني توطين اللاجئين خارج الوطن وتعني ان الدولة الفلسطينية التي تتحدث عنها ادارة بوش واولمرت هي هل ليست ترجمة لحق تقرير مصير بل اداة من دون سيادة لخدمة المشروع الصهيوني والهيمنة الامبريالية في المنطقة.

ان صوت الشعب الفلسطيني في العام الستين من النكبة يجب ان تسمعه القيادة الفلسطينية وتتوقف فورا عن المفاوضات العبثية فلسطينيا والاستراتيجية اسرائيليا وامريكيا والهادفة الى اغلاق الملف الفلسطيني لصالح اسرائيل وعلى حساب شعبنا، والى وضع القضية الفلسطينية في حالة تناقض مع نضال الشعوب العربية ضد الهيمنة الامبريالية الصهيونية. ان النكبة هي درس بان اي تحريض للعالم بصوت طرف فلسطيني ضد طرف فلسطيني هو صوت غريب على الشعب الفلسطيني وتاريخه النضالي وتبرير لقامعيه. فالوحدة الفلسطينية الوطنية على اساس التمسك بالثوابت وبحقوق الشعب الفلسطيني هي مطلب الشعب الفلسطيني وفي كل مكان. وحقوق الشعب الفلسطيني هي ملك الشعب الفلسطيني وليست ملكا للمفاوض الفلسطيني الرسمي.


مقاطعة اسرائيل ومؤسساتها ودمغها ونزع شرعيتها كنظام هي من دورنا وان لم نبادر الى ذلك فعلى الاقل واجبنا دعم المبادرات الشعبية الدولية المناصرة بهذا الشأن. ولن يغفر تاريخ معاناة شعبنا وكفاحه لاي فلسطيني يقوم بتقطيع المقاطعة الدولية لاسرائيل.
مناهضة التطبيع العربي معها ومع كل تجليات المشروع الصهيوني هي دورنا ايضا. وشراكتنا مع حركة مناهضة التطبيع العربية هي واجب فلسطيني ايضا. وذات الوقت لن يكتب النجاح لحركة مناهضة التطبيع دون الدور الاستراتيجي لفلسطينيي الـ48.

اللوبي الصهيوني في اوروبا وموقف اوروبا

اللوبي الصهيوني العامل في اوروبا يعمل بتوجيه مباشر من وزارة الخارجية الاسرائيلية ومؤسسات شبه رسمية تتحدث بابتذال عن السلام ويدها تطلق النار على شاكلة مركز بيرس للسلام. وأحد ادوار اللوبي الصهيوني الاوروبي هو التجارة باللاسامية ودمغ اي نشاط او موقف مناهض لاسرائيل او سياساتها باللاسامية. ويعمل على دمغ اي نشاط اوروبي مناصر للحق الفلسطيني ويعمل على دمغ الاسلام بالارهاب ودمغ التحرر الوطني الفلسطيني بالارهاب، وللحقيقة والتاريخ فان اللاسامية والصهيونية هما من حركات الاستعمار والعنصرية الاوروبية، كلاهما صناعة ونتاج اوروبيين لا عربيين ولا اسلاميين.

وهذا يعكس ايضا بؤس الموقف الاوروبي الرسمي المتذيّل لدارة الامريكية والداعم فعليا لاسرائيل وعدوانها. والذي يبرر عدوانها على غزة ويدعي ان العدوان هو نتاج المقاومة الفلسطينية الشرعية وليس الاحتلال والعدوان وجرائم الحرب الاسرائيلية. الموقف الذي يبرر ما يسميه دفاع اسرائيل عن امن مواطنيها" في حين يدركون هم انه لا يوجد فلسطيني واحد يعيش بأمن وأمان من العدوان الاسرائيلي. بؤس الاتحاد الاوروبي انه يسعى ان يعوض عن قصوره ومسؤوليته التاريخية تجاه الغبن التاريخي الحاصل للشعب الفلسطيني من خلال الاموال وبالذات من خلال دفع مقابل ما تدمره اسرائيل اي انه يعفي اسرائيل من مسؤولية وثمن جرائمها ويقوم بالمهمة...

اننا نناشد من هذا الموقع وفي هذا التوقيت الاتحاد الاوروبي وكل حكومات اوروبا والعالم ونطالبهم بمقاطعة "احتفالات اسرائيل بقيامها" ونؤكد ان اي رئيس دولة او حكومة او شخصية فنية او ادبية او سياسية يشارك في احتفالات اسرائيل انما يحتفي بنكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره وبالمجازر الصهيونية وبالتطهير العرقي. استقلالهم هو نكبتنا هو تهجير شعبنا وهدم مدنه وقراه وبنيته ونهب وطنه، وهذه رسالة يجب ان تصل الى محفل دولي.
مقاطعة اسرائيل وعزلها ونزع شرعية هذا النظام الكولونيالي العنصري الاستيطاني هي مهمة انسانية شرعية اساسية. ولن يأتي الحل من داخل اسرائيل. ولا نوهم انفسنا بذلك. وعليه لسنا احتاطي لاي طرف سواء فلسطيني رسمي او عربي اقليمي لميزان القوى في الكنيست الاسرائيلي، بل نحن نصبو ان نأخذ دورنا في المشروع الفلسطيني كما كل مجموعات شعبنا ضمن بناء المرجعيات الجماعية للمشروع التحرري. فلا يستطيع شعبنا ولا يحق له ان يعوّل على الحل العادل من خلال اي رئيس حكومة سينتخب في اسرائيل، ولا يحق للعالم العربي ان يبني استراتيجيته على نتائج انتخابات كنيست اسرائيل.

اسرائيل والى حد كبير هي الطرف الوحيد في معادلة الصراع والذي يتعامل مع الشعب الفلسطيني كوحدة واحدة..لكن ضمن مسعاها لمنع ممارسة حقنا في التعامل مع انفسنا كشعب.. تسعى لنكون مجموعات لا رابط بينها ولا مشروعا موحدا يجمعها. وتثبيت تجزيء الشعب الفلسطيني والغاء القضية الفلسطينية كمشروع تحرر وطني .. منع الشعب الفلسطيني من اعادة استعادة عافيته وبناء ذاته الجماعية....


المعادلة
اسرائيل لا تتورع عن شيء.. لكنها لا تستطيع كل شيء وهذه المعادلة منوطة بنا، نحن بارادتنا وبفعلنا نقرر ما لا تستطعه اسرائيل. والحقيقة التاريخية هي ان المعجزة ليست اسرائيل وانما هي صمود الشعب الفلسطيني. وبالامكان ان تهزم اسرائيل كما هزمت في لبنان وكما تنهار مشاريعها التي تتوهم بامكانية القضاء على شعبنا الفلسطيني (رغم ان هناك فلسطينيين يتوهمون كذلك ويراهنون على ان اوراق الحل عند اولمرت واسياده في واشنطن)...فمعركة غزة الحالية بين اضخم جيش بسلاح جوّه وبرّه وبحريته وبين شعب شبه اعزل متحرر من الاوهام ومتمسك بالصمود والمقاومة والحياة الكريمة هي الدلالة ان هذا العدوان لن يكتب له النجاح حتى وان طال هذا الليل.



الذاكرة والرواية الفلسطينية

الرواية الفلسطينية – الذاكرة تحمل الرواية وتحمل الحق الذي يأبى النسيان... تحية لفضائية الجزيرة وفضائيات اخرى على دورها في صيانة الرواية الفلسطينية والذاكرة الفلسطينية، وتحية لكل فرد ومؤسسة بين شعبنا وانصاره يسعى لحفظ الرواية وتوثيق النكبة ومعاناة شعب، لان هذه الوثيقة الجماعية الحية ستبقى معنا وفينا وستلاحق الغزاة المجرمين مهما طال الزمن.



قللنا نحن الفلسطينيين من اهمية واستراتيجية البعد العربي وعمليا اعفينا الانظمة العربية من المسؤولية حتى التفاعل مع الشعوب العربية اصبح محدودا.. ليصبح المفاوض الفلسطيني معزولا رهينة اوسلو وحدود اوسلو ورهينة توازن القوى المطلق بتخلي المفاوض الفلسطيني عن اي بعد جماهيري وتمثيل لصوت الشعب الفلسطيني. لكن حركة الشعوب العربية على علات ضعفها تبقى شريكا استراتيجيا لشعبنا.
اننا في مرحلة تقوم فيها القوى الامبريالية والاستعمارية القديمة والجديدة بالسعي لاعادة تقسيم المنطقة العربية ومن ثم تركيبها على شاكلة نوايا قوى العدوان الامريكي الاسرائيلي. لكن العراق ولبنان وفلسطين هي شاهد ان قوى العدوان مهما ارتكبت من جرائم وباحدث واضخم الة حرب في التاريخ فان الشعوب اقوى واثبت منها.


نتوقع عدوانا متجددا

في توقعنا لتوسيع العدوان الاسرائيلي على شعبنا وعلى حركات المقاومة وشعوب المنطقة، فان احد دروس النضال الوطني الفلسطيني واحد دروس هزيمة اسرائيل في عدوانها العام 2006 على لبنان، هو ان المعركة اصبحت متعددة الجبهات والجبهة المعنوية والاعلامية والسياسية والشعبية هي جوهرية وكل الجبهات مترابطة ومتكاملة، وفي خلق الحالة المعنوية كل فلسطيني اينما كان له دور وموقع وحق الاسهام وبالاساس واجب الاسهام في حماية المشروع التحرري، وفي هزيمة قوى العدوان والاحتلال والعنصرية.
ففي حين تسعى اسرائيل هذه الايام لاضخم استعدادات للعدوان القادم فانها تعمل اضافة الى تدريباتها العسكرية على محاولة اعادة فرض "رهبتها" على فلسطينيي الـ48 وتلاحق مؤسساتهم وقياداتهم السياسية المناضلة. لانها تدرك ان فلسطينيي الـ48 كان لهم دور معنوي هام في التصدي للعدوان عام 2006 وافشاله وفي التصدي للعدوان الدائم على شعبنا وتعزيز صمود شعبنا، وفي الحفاظ على الوطن.
ولن نتفاجأ اذا ما حاولت اسرائيل استغلال العدوان في محاولة للقيام بتهجير جديد لفلسطينيي الـ48 وارتكاب جرائم اشمل بحق كل شعبنا، لكنا مطالبون وهذا ما نعمل عليه ان نكون بجاهزية عالية متواصلة كي نلعب دورنا فلسطينيا وكي نفشل مخططهم العدواني الاقتلاعي. ونحن قادرون على ذلك.

مقاومة الاحتلال هي حق لشعبنا ومقاومة العنصرية هي حق لشعبنا، ومقاومة نظام الفصل العنصري هي حق لشعبنا.. مقاومة العنصرية ليست قضية مواطنة قسرية فحسب بل قضية وجود في وطننا وهي قضية حق اللاجيء في وطنه, وهي قضية حقنا بمقدسات شعبنا واوقافة وهي افشال مخطط "الدولة اليهودية" وافشال مخطط تبييض الاستيطان في القدس والضفة على حساب فلسطينيي الـ48.... لقد تعاملت معنا اتفاقيات اوسلو التجزيئية كما لو كنا قضية اسرائيلية داخليا، لكن قرارنا كجماهير وكشعب غير ذلك. لسنا قضية اسرائيلية داخلية، وهذا ما نضعه امام شعبنا ومؤسساته وهذا ما نقوم به وهذا ما نتحدى به المجتمع الدولي ايضا.

مؤتمر قبرص وتحدي التجزيئية

قبل نصف عام بادرنا في اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) ومقره في حيفا الى اجتماع لشبكات العمل الاهلي والمجتمع المدني الفلسطيني في الوطن والشتات وقد عقد في قبرص تحت شعار "المجتمع الاهلي الفلسطيني: نحو استراتيجية فلسطينية موحدة وتجاوز حالة التجزيئية" ونسعى الان متابعة له الى بناء اطار جامع لمؤسسات العمل الاهلي والمجتمع المدني الفلسطيني في الوطن والشتات، وفي غياب منظمة التحرير الفلسطينية وتغييب دورها القيادي المرجعي للشعب الفلسطيني، وغياب المشروع الجماعي المتفق عليه، فان مسعى اقامة مؤسسات جامعة للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هو مسار هام في بناء المرجعيات على اساس رؤية جماعية وتقاسم الهم الجماعي واستعادة شعبنا لعافيته.

هدف المرحلة هو مواجهة التجزيئية المهيمنة على الفكر السياسي والمشروع السياسي الفلسطيني. تنظيم الشعب الفلسطيني في كل مواقع تواجده وبناء المرجعيات الوطنية الجامعة .. واعادة الاعتبار للنضال التحرري الفلسطيني والثوابت الفسطينية التاريخية المنبثقة من حقوق الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته هي مهمتنا جميعا.
اعادة بلورة وبناء حركة التحرر الوطني الفلسطيني على اساس الثوابت الفلسطينية التاريخية وعلى اساس تمثيل كل التيارات وعلى اساس تمثيل كل الشعب الفلسطيني بمن فيهم الـ48 كجزء من اتخاذ القرار الفلسطيني ومرجعياته.

اننا امام مرحلة الانطلاق الى الفعل المنظم والهادف . وطاقات شعبنا واصدقائه عربيا ودوليا هائلة ولا تنضب.

فتح القنوات بين المجموعات الفلسطينية من منطلق ان تقوية اي جزء هي تقوية للجميع واضعافه هي ضعف للجميع. لن نسمح ببث روح التجزيئية ولن نتيح لاسرائيل الاستفراد بهذا الجزء او ذاك من شعبنا ولا بهذا التيار او ذاك من شعبنا. ومن هنا نرفع صوتنا الداعم بكل قوة لاهلنا في غزة التي تتعرض لاحدى افدح جرائم العصر بمرأى ومسمع نظام عالمي صامت بل ومتواطيء، وظلم ذوي القربى من بعض اصوات فلسطينية رسمية يبقى اشد مضاضة لأنه ينال من مناعة شعبنا الكفاحية ولأنه اقرب الى الانتقام الغريزي من المسؤولة الوطنية حتى بحدها الادني.

نداء للشباب الفلسطيني في اوروبا

واخيرا اتوجه بندائي - نداء الـ48 - الى الاجيال الصاعدة الفلسطينية في اوروبا والشتات عامة: تعالوا تلمّسوا الوطن معنا زوروه الى حين العودة... تعالوا تواصلوا مع شبابنا في الـ48 وفي الضفة والقطاع.. وادعو انتم شبابنا اليكم لنعيد اللحمة الى شعبنا ونبني مشروعنا سوية. ان مستقبلنا يتطلب ذلك ومستقبلنا جميعا هو في وطننا فلسطين. المستقبل لنا، لعودتنا الى فلسطين وعودة فلسطين الينا.

كوبنهاجن – الدنمارك 3/5/2008

دور اسرائيل في تجزيء هوية فلسطينيي ال48


دور اسرائيل في تجزيء هوية فلسطينيي ال48
امير مخول
احيي جمعية انعاش الاسرة والقيّمين على هذا المؤتمر الهام والذي يجسد الى حد ما – حضورا ومضمونا - لمّ الشمل الفلسطيني الذي ينقصنا بشكل عام عند مناقشة قضية شعبنا بتشعباتها ومركباتها المختلفة والمتكاملة فكم بالحري عندما نتحدث عن الهوية الفلسطينية.
الملاحظة الاخرى تتعلق باعجابي بالصورة الخلفية (شعار المؤتمر) وهي تعبر الى حد كبير عن واقعنا كفلسطيينين بمفهوم ان ثقافة الجدار او استخدام الجدار والسعي الصهيوني الى فك الارتباط بين الفلسطيني الفلسطيني وبين الفلسطيني ووطنه، هو عملية تاريخية تاريخها هو تاريخ المشروع الصهيوني وهي من المركبات الاولى والثابتة لهذا المشروع الاستعماري الصهيوني منذ دخوله الى الوطن العربي بمفهومه الواسع والوطن الفلسطيني حيث احتله وسيطر عليه وقام بجل جرائمه فيه وسعى الى عزله عن بعده العربي الاقليمي بغية تنفيذ المشروع الاستعماري. الجدار العازل كثقافة اسرائيلية هو من جوهر اسرائيل لم يبدأ عام 1967 ولا 1948 بل هو في جوهر المشروع الصهيوني.
ما يجري مع فلسطيني 48 وهذا ما طلب مني ان اتحدث عنه هو ليس خارج تعامل إسرائيل مع الشعب الفلسطيني وانما هو جزء من تعامل إسرائيل مع الشعب الفلسطيني. انه تعبير عن تعامل نظام كولونيالي عنصري مع من هجّرهم ومع من استعمرهم في مسعاه لتبييض الجريمة التاريخية من ناحية من خلال محاولة الغاء الحق الفلسطيني ومن خلال قتل الضحية اوتشتيتها او أنهاء مشروعها. انه يسعى الى طمس الحقيقة التاريخية وتحويل الموضوع كما لو كان من الماضي وهو عادة ما ياتي به المشروع الصهيوني و"يتحاور" معنا او يحاول ان يتحاور معنا واحيانا يحاول اليسار الصهيوني التفكير نيابة عنا او ان يضع لنا قوالب وحدود تفكيرنا على شكل دعوته الثابتة للفلسطينيين: "انظروا الى الامام وانسوا الماضي" انه واحد من شعارات اليسار الصهيوني واليسار الصهيوني وليس اليمين هو الاكثر تخصصا في السيطرة وفي الهمينة على الشعب الفلسطيني ظانا بامكانية استبدال الهوية والذهنية الفلسطينية بهوية وذهنية مريحة له ولمشروعه يكون فيها سلوك الضحية هو "الاشكال" ويظهر فيه الطاغي كما لو كان ضحية ضحاياه. اما جذور الصراع فيعتقد انها تختفي في هذه المتاهة.
السلوك المجزّأ هو فلسطيني وليس اسرائيلي
باعتقادي ان ما يميزجماهير الشعب الفلسطيني في مناطق الـ 48 هو ان إسرائيل تملك كل ادوات السيطرة وتملك ادوات اللعبة في هذا الموقع، ولا يميزها شي اخر بمفهوم جوهر إسرائيل. إسرائيل هي نفسها التي تقوم بنفس اهداف السياسة التكاملية سواء في حيفا او رام الله اوفي غزة او مخيمات اللاجئين. عمليا فانّ تجزيء الهوية هو ظاهرة فلسطينية وليس إسرائيلية في طبيعتها. فاسرائيل عندما تتحدث عن الدمغرافيا تتحدث بذات المعايير سواء عن النقب او الجليل او الضفة الغربية او منع حق العودة، وحين تطلق الحملات من اجل الاعتراف بها كدولة يهودية انما تستهدف من ذلك كل الشعب الفلسطيني.
عمليا طبيعة الصراع تزيد من تعاملنا مع مسألة الهوية وتجعلها اكثر محورية كونها مركب هام فيه. كما ان كون طبيعة الصراع الذي نعيش فيه كما هي وان إسرائيل أيضا مشغولة في هويتها لحد الان في الدولة اليهودية وفي ابتزاز العالم وفي غيره وأيضا كأداة وظيفية لفرض شرعية وجودها والتطبيع مع جوهرها كما هو. الا ان اسرائيل مشغولة ايضا في هويتنا نحن الفلسطينيين. مؤتمرات الامن القومي الاسرائيلي (مؤتمر هرتسليا)، وثائق استراتيجية اسرائيلية (وثيقة هرتسليا، وثيقة كنيرت، وثيقة المجلس الصهيوني وغيرها)، علم الاجتماع الاسرائيلي فيما يتعلق بالجماهير الفلسطينية في الداخل يتعامل اساسا مع الهوية والبحث المقارن في حدود الهوية الفلسطينية وبالذات على محور "الفلسطينة والاسرلة" في الهوية. غالبية المؤتمرات عن الهوية الفلسطينية والتي تنظمها مراكز ابحاث إسرائيلية في ما نسميه "مختبرات" اعادة انتاج الفلسطيني على شاكلة العربي او الإسرائيلي او "العربي الإسرائيلي الفخور" اي الذي يتمتع وفق التوجه العنصري الاستعلائي بما يدرجون على تسميته "الوقاحة الإسرائيلية" اي ملائما "لذوقهم" ويتقبلونه من حيث المسلك والاداء الشبيه لهم ولقواعد لعبتهم لكن من حيث النفسية والجوهر تريدنا خاضغين لها ولمفاهيمها. انها ايضا نوع من الاستعلاء تعكسه في تعاملها مع فلسطينيي 48 وكل الشعب الفلسطيني والعربي.

إسرائيل تسيطر على الحدود الجغرافية الامنية ومنذ قيامها قبل ستة عقود وعلى انقاض شعبنا ووطننا، تسعى الى تحويل حدود الدولة الى حدود وعينا وطموحنا، وان تحاصرنا في مواطنتها ليس كوضعية قانونية بل كتطلّع سقفه اسرائيل وحدوده اسرائيل وحتى منظره العام اسرائيل. تريدنا مفصولين عن امتدادنا العربي والفلسطيني الطبيعي وعن وطننا نحن اهل البلاد واصحاب الوطن. وفق هذه المعادلة الصهيونية القانونية والامنية والمدنية الاسرائيلية تصبح بيروت ودمشق مثلا ابعد من أي مكان في العالم ابعد منالا من طوكيو ومن نيويورك، ويجعلون هذا المدى الطبيعي خارج الوعي وان لم يتسنى ذلك فخارج القانون – قانونهم العنصري الكولونيالي.
الهوية ضمن بناء المشروع الفلسطيني والعربي
علينا ان نعترف ان التسليم بهذه القطيعة القسرية يصبح مع الوقت خطرا على مجمل الهوية الفلسطينية. وفي هذا السياق فان الخطر والتحدي لا ينحصر فقط في عزل فلسطينيي ال48 عن بعدهم الفلسطيني والعربي، بل كل الشعب الفلسطيني يعاني حالة التجزيئية القسرية. وان كان الحديث في الماضي عن ثلاثة اجزاء للشعب الفلسطيني – فلسطين48 والمناطق المحتلة عام 67 واللاجئين، فاننا اليوم امام واقع تجزيئي اخطر. فالضفة الغربية ليست الضفة الغربية كوحدة واحدة لا يوجد امتداد فيها ولا تكامل وغزة مفصولة عن الضفة وعن كل العالم والقدس خارج كل شي واللاجئين أيضا. وهذا واقع يجب ان يشكل تحديا كبيرا لاني انظر الى الهوية من باب بناء المشروع الوطني الفلسطيني وليس خارجه. لو كنا في وضع طبيعي في تطور طبيعي "عادي" قد يكون انه ما كنا مشغولين بالهوية الى هذا الحد. الشعب الفلسطيني منشغل بهويته لان استهدافها هو جزء من الغاء حقوقه وعدالة قضيته. ولو اخذنا الحلقة الاوسع العربية في المنطقة فان الوضع العام فيها والمشروع الامبريالي الامريكي الصهيوني يذكرنا بهوية المنطقة العربية بكاملها وهو اشبه بخطة سايكس -بيكو التي استهدف الاستعمار العالمي فيها كل المنطقة العربية قبل قرن تقريبا وحاول فك ارتباطها ببعضها من خلال اعادة تقسيمها وتجزيئها وبمسعى لالغاء بعدها الواسع العربي وتحويلها الى دول واشباه دول يحكمها تناقضاتها اكثر بما لا يقاس بترابطاتها وبهويتها بمفهوم الأمّة ودور هذه الدول هو ضبط الحدود التجزيئية التي فرضها الاستعمار العالمي.
ولو كان الوضع مخالفا لزاد وزن ابعاد اخرى للهوية لا يجوز تغييبها في اي حال مثل الهوية الفردية وما الى ذلك، ولكن الواقع الفلسطييني وطبيعة الصراع يؤديان ان يكون هذا الدور اساسي واصبحت الهوية محور صراع اساسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والإسرائيلي العربي وهناك ما يجري عمليا نوع من فك الارتباط الفلسطيني ووطنه في عبرنة وتهويد الوطن وتاريخه ومعالمه كلها من خلال الهيمنة على القانون واستخدامه وتجريم التواصل الفلسطيني ونضال الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية وحركة التحرر الفلسطينية وأيضا يجري ذلك من خلال منهاج التعليم الذي يستخدم للهيمنة التامة وهو منهاج تعليم رسمي إسرائيلي صهيوني حتى لو كان بالعربية اضافة الى كل اجهزة الرقابة وآلة اعادة الانتاج الصهيونية المشوّهة للفلسطيني.

الصراع على الرواية التاريخية

الرواية التاريخية هي هل محور صراع ومركب في الهوية لانها تحوي احد اهم مركبات القضية الفلسطينية واكثرها قوة الا وهو عدالتها وكونها تستند الى الغبن التاريخي والحق الفسطيني مقابل الباطل الصهيوني. الخلاف على الرواية التاريخية هو ليس سوء تفاهم مع المشروع الصهيوني وليس موضع اقناع واقتناع وانما صراع وجودي معه.
الصراع على الرواية سيجد تعبيره في اواسط ايار 2008 حيث سيتزامن حدثان محوريان ومؤسسان لكل من الروايتين المتصارعتين. انه ستون عاما من النكبة ومقابلها "استقلال إسرائيل" وكلا الحدثين هما حدث واحد. نكبة الشعب الفلسطين هي استقلال إسرائيل والعالم سيحتفي بإسرائيل العالم الغربي كله سيحتفي بإسرائيل رسميا وإسرائيل ستحتفي بإسرائيل ونأمل الا يكون عرب او فلسطينين بهذا الاحتفال. ووفق روايتنا فان المشروع الصهيوني وتعبيره اسرائيل هي المجرم والجريمة التاريخية. والمجتمع الدولي الرسمي يتحمل مسؤولية الجريمة ولا يزال منذ ستين عاما فبعد ان كانت دول الاستعمار التاريخي الاوروبية هي مولّدة الصهيونية فانها تقوم منذ ستة عقود وعمليا منذ دخول المشروع الاستعماري الصهيوني للمنطقة بدور تبييض الجريمة على حساب الضحية وبذلك يتنصل من المسؤولية التاريخية. والانكى انها تتيح لاسرائيل التنصل من المسؤولية التاريخية حول جريمتها الكبرى المتواصلة والمتصاعدة طوال ستين عاما.

وفي هذا المفهوم فان التطبيع العربي الرسمي او الفلسطيني والتراجع عن المقاومة واستبدالها بما يسمى "مشروع المفاوضات" العبثي يأتي على حساب عدالة القضية الفلسطينية والرواية الفلسطينية وعلى حساب تحميل اسرائيل مسؤولية النكبة غير المنتهية.

"العربي الاسرائيلي"
إسرائيل لا تريد للفلسطينين الذين فرضت عليهم مواطنتها، لا تريدهم ان يصبحوا إسرائيليين وذلك من منطلقاتها هي ومن جوهرها الاستعماري العنصري. كما والاسرلة بالنسبة لها لا تعني ان يصبح الفلسطيني "اسرائيليا" وليس هذا المقصود بالاسرلة . من ذات المنطلق فان إسرائيل لا تريد للفلسطينينيين ان يكونوا فلسطينيين. بل ما تبغيه اسرائيل هو ان يكون الفلسطينيون مواطنيها متأسرلين "عرب اسرائيل". بمعنى على هامش المجتمع الإسرائيلي على هامش المواطنة الإسرائيلة وعلى هامش الاقتصاد الإسرائيلي وخارج اتخاذ القرار الاسرائيلي، مرتبطين مصلحيا وولاء بإسرائيل ومنفصلين تماما عن شعبهم وحركة شعبهم.

وهنا يجدر التنويه الى كون السلوك الفلسطيني الرسمي احيانا يغذي هذا، وهناك ايضا مسؤولية فلسطينية وليس فقط إسرائيلية في الدفع باتجاه الاسرلة بسبب التعامل السياسي الوظيفي مع وجود فلسطيني 48 في وطنهم كقوة انتخابية اسرائيلية. وهذا التقسيم الفلسطيني الوظيفي لاجزاء الشعب الفلسطيني يلحق الضرر بالهوية الفلسطينية لكن اساسا بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، انه يجعلها تبدو قضايا واحيانا متناقضة. اي عندما نتعامل معها كقضايا مختلفة تبدأ الحدود داخل الشعب الفلسطيني بدل رسمها مع اسرائيل والصهيونية. والقضايا المختلفة ونتيجة تناقضات القضية الفلسطينة والواقع تصبح متضارية ومتناقضة وتحل معادلة وضع الاولويات ليس النضالية بل اولوية مركّب في القضية الفلسطينية على حساب مركّب اخر – مثلا اوسلو وضعت "بناء الدولة" في تناقض مع اولوية حق العودة للاجئين.
تكامل الاجهزة الاسرائيلية
هناك تقاسم ادوار تكاملي وبنيوي بين دولة إسرائيل كدولة كنظام وادواته القمعية والقانونية العسكرية والمدنية. والمدني ليس اقل عنصرية وكولونيالية من الجهاز الامني والعسكري بمفهوم النظام الإسرائيلي او الرؤية العامة الإسرائيلي. والاجهزة تتقاسم الادوار في ترجمة جوهر الدولة وفي تبييض الجريمة ومحو اثارها ومحاولة حتى اغتيال شخصية الضحية ومصادرتها لصالح إسرائيل كي تبدو ضحية ضحاياها.
في المقابل فان الدولة واجهزتها تتقاسم ادوار المشروع الصهيوني بنيويا مع المنظمات العالمية الصهيوينية. في السنوات الاخيرة نحن نلخظ انه في اعقاب كل حدث كبير يجري في 48 او على مستوى الشعب الفلسطيني هناك تدخل اكبر من قبل المنظمات الصهيونية العالمية الوكالة اليهودية من قبل المنظمية الصهيوينة العالمية ومن قبل منظمات صهيونية الاخرى في العالم من اجل الهيمنة وضمان الهيمنة وتحييد هذا الجزء من الشعب الفلسطيني عن باقي الاجزاء وعن القضية اصلا.
هذا ما حدث في اعقاب انتفاضة القدس والاقصى عام 2000 والتي اندلعت من جانبي "الخط الاخضر" والتي تبعها مباشرة ما يسمى "فوروم معاليه هحميشاه" على مستوى مجلس الامن القومي ووعود بميزانيات غير مسبوقة بغية اسكات فلسطينيي ال48، وهذا ما جرى في اعقاب دور فلسطينيي ال48 في مواجهة عدوان 2006 على لبنان، وتدخل الوكالة اليهودية لاول مرة في عرض خدماتها وميزانياتها لضمان الولاء لاسرائيل لدي فلسطينيي ال48.


تقاسم الادوار بين اسرائيل والمنظمات الصهيونية العالمية
هناك يجري محاولة جديدة اقيم مؤخرا في الولايات المتحدة بعد انتفاضة الاقصى بال 2000بعد ال وترسخت اكثر بعد حرب لبان الاخير ونظرية انه احنا في قارب واحد هيك يتعالم الإعلام الإسرائيلي انهنا احنا في قارب واحد ضد الإرهاب او ضد الفلسطيني او ضد الإرهاب الإسلامي باللغة الإسرائيلية اقيم ما يسمى انتر ايجنسي.. اللي هو تحالف من 72 مؤسسة منظمة صهيونية أمريكية وبريطانية وكندية وهدفه يعمل على ضمان إسرائيل كدولة يهودية ودولة اليهود هذا همة الاساسي أنها تكون دولة يهودية وليهود وتعطي حيز اكبر للمساواة الكمية واللي هذه المساواة لا تتناقض مع جوهر إسرائيل اليهودي هذا هو التعبير أصبحا لا نتحدث عن هوية أشخاص بل مؤسسات هناك من يخضع لها وهناك من يتراجع امام الضغط التمويلي وغير التمويلي والإسرائيلي والصهيوني والعالمي أيضا اللي يتشارك بالهم هذا ومنها مؤسسات مسئولة عن هذا الزج الاتحاد الأوروبي وطبعا السياسية الخارجية الأمريكية وكل مفهوم الدولة اليهودية اللي ظهر في السنوات الأخيرة كحملة وجزء من استراتيجيه شارون عمليا يحتم ان تكون موضوع الهوية القضية الأساسية عند الفلسطينيين والشعب الفلسطيني
الجانب الاخر ما يسمى مشروع الخدمة المدنية الذي يهدف أيضا الى اعادة انتاج الفلسطيني على شكل "عربي اسرائيلي" موال لقيم الدولة اليهودية ولقواعد لعبتها. وهو عمليا نوع من الهندسة السياسية لمفهوم العمالة والولاء. والذي يعفي اسرائيل من عنصريتها المؤسساتية والرسمية والشعبية ومن مسؤوليتها كنظام كولونيالي ويحيل المسؤولية الى سلوك الضحية من خلال فرض معادلة اشتراط الحقوق وفرض المعادلة بأن غياب الحقوق مصدره عدم قيام الفلسطيني بواجباته تجاه الدولة. والتي لن تحقق الحقوق خاصة الجماعية منها ان ان هامش الفلسطيني الضيق سيزداد ضيقا وسيفقد في حال اندمج في الخدمة المدنية اخلاقية الرواية الفلسطينية وعدالتها. اسرائيل تسعى الى خلق العربي او "العميل الجديد" وممكن نسميته العميل الفخور بمفهوم انه يتقمص قيم ومواصفات قامعيه ويخضع لقواعد لعبتهم ولتمويلهم البائس حتى وان لم يكن عميلا بالمعني التقليدي، كون الدول تكتفي بان يكون الفلسطيني مواليا لحدود اللعبة الصهيونية الخاصة بالعربي الفلسطيني. وزيرة التربية الاسرائيلية يولي تمير وهي من أقطاب "اليسار" الصهيوني صرحت ان مشروع الخدمة المدنية هذا هو مشروع حياتها وان حلمها ان ترى الشاب العربي او الصبية العربية يخدم خدمة مدنية كبديل عن خدمة عسكرية. كما ولو كانت إسرائيل مشغولة في كيف يخدم الشاب العربي او الفلسطيني بلده او قريته او مجتمعه. ولنا مثالين في هذا الصدد واحد هو ثقافة العطاء الفلسطينية العربية المتجذرة في تاريخنا وفي الحضارة العربية والاسلامية والتي تنفيها اسرائيل والتي من ناحية اخرى يجدر ان نعتدّ بها ونصونها. كما انه وعلى المستوى الشعبي المنظم كانت هناك في النصف الثاني من السبعينات واوائل الثمانينات من القرن الماضي مخيمات العمل التطوعي والكرامة في مدينة الناصرة والتي تحولت في حينه الى احد اكبر اطر الحشد الفلسطيني الشعبي من كافة انحاء الوطن الفلسطيني والتي شكلت تحديا لاسرائيل وعنصريتها وقمعها. هذه المخيمات كانت الدولة تحاربها وتقتحمها الشرطة باستمرار لتواجهها الناس.
انه شيء غاية في اللا-منطق ان تدعي اسرائيل انها مشغولة في كيف يقدم الشاب العربي الفلسطيني العطاء لمجتمعه وشعبه وتتعامل مع ذلك باعتباره مشروعا استراتيجيا وعمليا مركبا في الامن القومي. وماذا مع تقافة العطاء والدعم المادي والانساني التي يقدمها فلسطينيو ال48 الى شعبنا في غزة او الضفة هل هي "حلم" الاسرائيليين؟!.

ان معادلة اسرائيل من وراء الخدمة المدنية لربط الحقوق بما يسمونه واجبات، فيه امعان في التوجه الذي يحيل مسؤولية التمييز العنصري على سلوك الضحية وليس النظام العنصري، وفيه ايضا مسعى لفرض الولاء التام للمشروع الصهيوني. والمثال الصارخ هنا هو نجاح المشروع الصهيوني في فرض الخدمة العسكرية الاجبارية على الشباب العرب ابناء الطائفة الدرزية. وتامنا مع ذلك مسعى جهاز التعليم الاسرائيلي والاعلام الاسرائيلي الى فصل الدروز عن فلسطينيي ال48 من خلال اختلاق ثقافة متخيّلة اسموها "الثقافة الدرزية" ومنهاج التعليم الدرزي المفصول عن جهاز التعليم العربي الرسمي. ولو نظرنا الى ازمة الهوية فهي الاكثر عمقا هنا واما الحقوق وما يعكسها من اوضاع اقتصادية اجتماعية علمية وغيرها فهي الادني بين القرى والمدن الفلسطينية في الداخل.

التطور المشوّه للفلسطيني على مستوى هويته او كيانه هو مركّب في النهج الاسرائيلي الصهيوني. والمسؤول عن تنفيذه حتى في الاجهزة المدنية هو جهاز الامن العام – الشباك الذي لا يزال مهيمنا على جهاز التعليم العربي الحكومي.

الولاء لاسرائيل

صدرمؤخرا تقرير جديد اسمه "تقرير المجلس الصهيوني" وهذا المجلس هو جزء من الوكالة الصهيونية العالمية وعمليا جهازها التنفيذي. يتمحور التقرير بالأساس في معادلة الولاء اي ولاء الفلسطيني لدولة اسرائيل!! كيف نخلق يكون العربي ويكون مواليا لدولة إسرائيل الفلسطيني وفيه تأكيد صريح بأن الهدف من مشروع الخدمة المدنية هو الولاء للدولة اليهودية. اي كيف نخلق العربي الإسرائيلي. ويهدف التقرير ان "تكون إسرائيل دولة يهودية وصهيونية" وان العرب او "عرب إسرائيل" كما تسمينا "يجب ان نتعامل معهم كمجموعات وليس كمجموعة واحدة هناك مسلمين مسيحيين دروز وشركس وبدو وأقليات وغير ذلك" و"مهم ان نرى التمايز بين هذه المجموعات والتعامل معهم من خلال تجاوز مؤسساتهم وقياداتهم".
انه نهج تاريخي للمشروع الصهيوني يشار اليه في كتاب اخر للخبير في قضايا المخابرات الاسرائيلية وعلاقتها بالفلسطينيين مواطني اسرائيل. كتب كوهين المقصود هو "العرب الصالحون" ويتمحور في اساليب الشاباك تجاههم في سنوات الخمسين، وهو يتحدث عن ذات العقلية- ذهنية الحكم العسكري - عن العربي المتطرف والعربي المعتدل، السلبي والايجابي. والمعيار للاعتدال او التطرف ليس بالطبع حقوق الإنسان، الدمقراطية او أية حقوق أخرى وإنما هو موقف الفلسطيني من الدولة اليهودية ومن المشروع الصهيوني وهل نطبّع معه ام لا نطبع معه وما مدى الولاء لقواعد اللعبة الصهيونية التي تجد تعبيرها في الدولة اليهودية. المركب الاخر لوثيقة المجلس الصهيوني المذكور هو اقتراح حكم ذاتي للفلسطيني في إسرائيل وهو مشروط قيميّا بأمرين جوهريين:
1. على فلسطيني ال48 او "عرب إسرائيل" كما يسموهم ان ينددوا بالإرهاب كموقف- كقيمة ويدينوه
2. خلق شريحة قيادية جديدة بديلة للقيادة الحالية "المتطرفة"، قيادة تقبل بدولة إسرائيل كيهودية وصهيونية والتعالم بهذا الشكل وأنها هي دولة الشعب اليهودي ومع هذا الطرح يقبلون علميا بإعطاء بادرة حسن نوايا من إسرائيل لفلسطيني الداخل وهي حكم ذاتي الذي يتحول بشروطه المفروضة مسبقا الى أداه للاسرلة او التهميش وليس حكما ذاتيا بمفهوم الحقوق او ما يحق لمجموعة قومية التي هي جزء من شعب انتهكت حقوقه ولا زالت ضمن احدى كبريات جرائم العصر.

"اقلية" ام شعب؟

وهنا جدير ان نشير الى ان اعتبار فلسطينيي ال48 "اقلية قومية" كحالة ثابتة ووضعية منتهية، فيه دفع للاسرلة وفك للارتباط الفلسطيني. فلسطينييو ال48 هم كما فلسطينيي الضفة والقطاع والشتات هم شعب واصحاب البلاد مجتمعين فقط، اي ليس فلسطينيو ال48 هم اصحاب الوطن واصحاب البلاد وحدهم بل اللاجيئ هو صاحب الوطن وسكان الضفة والقطاع هم اصحاب الوطن كله وفلسطينيي ال48 هم اصحاب الوطن كله. ولا توجد محاصصة في "ملكية" الوطن.


في المقابل يجب ان نشير ان من يتعامل فلسطينيا او عربيا مع فلسطيني 48 كتعامل وظيفي سياسيا او من يراهن على التغيير في الرأي العام الإسرائيلي ويريد من فلسطيني الي 48 ان يلعبوا دورهم في تغيير توازن القوى السياسي وترجيح الكفة السياسية لصالح تشكيلة الحكومة هذه ام تلك وهل يكون اولمرت في الحكم أم نتانياهو ام باراك، يزج بنا في صميم الأسرلة فلسطينيا ويعزل الفلسطيني عن الفلسطيني أكثر وأكثر. ومن يقوم بذلك عربيا كان ام فلسطينيا فهو لا يتقاسم معنا منظمة التحرير مع فلسطينيي ال48 مثلا ولا يتقاسم معنا المشروع الوطني الفلسطيني. بل "يحدد" لنا الدور الإسرائيلي أو يريد الدور الإسرائيلي أن بتعزز لدى فلسطيني 48. هذا هو رهان خطير فلسطينيا وعربيا وخاسر سياسيا بالمفهوم الواسع للقضية الفلسطينية، لان في اساسه عجز ومراهنة على ما قد يحدث داخل المجتمع الاسرائيلي وليس على مشروع تحرري فلسطيني عربي يلعب فلسطينيو ال48 دورهم فيه.
هناك اهمية في سياق الهوية ان نؤكد ان فلسطينيي ال48 ليسوع قوى تضامن مع شعبهم بل هم شعبهم كما كل فلسطيني ويحملون مشروع المقاومة باشكالها وتعبيراتها المختلفة نتاج الوضعيات العينية لكل مجموعة.
نماذج حول دور فلسطينيي ال48

سوف أعطي مثالا أو بعض الأمثلة فقط لما نقوم به أو يمكن القيام به في 48 . بالامكان في السنوات الاخيرة ملاحظة وضعية حالية تشير الى ان فلسطينيي ال48 هم اكثر مجموعة فلسطينية منظمة نسبيا كمجموعة ضمن الشعب الفلسطيني، وذلك على المستوى السياسي والمؤسساتي. وهذا الوضع ليس قيمة وليس "مباراة" ولكنه واقع في المرحلة الحالية بسبب التجزيئ القسري والتشتت وضعف المشروع الوطني التحرري. وهذا لا يعني ايضا ان الوضع داخل فلسطينيي ال48 مرض ومطمئن بما فيه الكفاية.

هناك أهمية ان نرى نقاط القوة ايضا. فالشعب الفلسطيني ومهما وصل من ضعف قادر دائما على المفاجأة سواء الفردية او الجماعية على شكل انتفاضات وهبّات ومقاومة. وفي هذه المفاجأة يجري تعطيل المشروع الصهيوني او افشال اهداف مخططاته ضمن ادارة الصراع الفلسطيني.

وفي السنوات الاخيرة خاصة خلال اخفاق العدوان الاسرائيلي على لبنان وفي غزة ودور المقاومة اللبنانية برزت اهمية ومحورية الجانب المعنوي في الصراع. الجانب المعنوي أصبح حالة مهمة في تعزيز الصمود الفلسطيني والعربي وفي هزم المشروع الاستعماري. هذا ما ادركته المقاومة وما ادركته الشعوب وما تدركه ايضا اسرائيل كون عدوانها اصبح يدار في جبهتها الداخلية بعد انهيار استراتيجيتها ادارة الحرب على ارض الطرف العربي او الفلسطيني. وسوف تستخدم اسرائيل في عدوانها القادم هذا المركّب. وترجمته العملية ستعني امكانية ان تقوم استباقا باجراءات لضرب معنويات الداخل. وتكميلا لذلك فان الجانب الإعلامي ايضا هو حلبة صراع وأيضا الحالة الشعبية أيضا مهمة جدا. وهو ما لمسناه نحن فلسطينيي ال48 خلال عدوان 2006 عندما سعت اسرائيل بكل اجهزتها وبالذات الاعلامية وصانعة الرأي العام وبكل قوة الى فرض الولاء على فلسطينيي ال48 واساءة استخدام وجودهم في وطنهم والتعامل معهم كدروع بشرية لمشروعها السياسي العسكري العدواني. حاولوا ان يفرضوا على فلسطينيي ال48 ان يتعاملوا مع انفسهم كما لو كانوا جزءا من المجتمع الإسرائيلي وكونهم في "قارب واحد مع المجتمع الاسرائيلي في مواجهة "العدو"اي شعبينا الفلسطيني واللبناني .

في التعايش بين الهوية الدينية والقومية
هناك ادعاء يسمع باستمرار وايضا في هذه الندوة وهو ان التيار القومي او العلماني والتيار الديني موجودان في معادلة "امّا أو" وان قوة التيار الواحد تأتي على حساب التيار الاخر. وبالذات هي تبريررية لدي التيارات اليسارية والقومية. وللحقيقة فان النموذج الذي تطور في فلسطين48 في التسعينات شهد تعزز دور التيارين معا وذات الوقت, والسعي المشترك الى بناء المرجعيات التي بامكانها ان تحتوي كل التعددية القائمة.
لكن اهمية هذا التعايش والتفاعل تقوق اهميتها مجرد التعددية وايجاد الصيغ، بل ان كون التياراين اصيلين في الهوية الوطنية الفلسطينية وفي الهوية العربية على مستوى المنطقة فان هناك أهمية قصوى في التفاعل بين البعد القومي والديني. وهذا التفاعل هو مصدر طاقة شعبية جبارة. التياران والهويتان ليستا ولا يجب أن يكونا في اتجاه صراع. ومثال اخر لقوة الدفع جراء هذا التفاعل هو انتفاضة القدس والاقصى العام 2000 عندما اجتمع البعدان القومي والديني وانطلقت طاقات كفاحية هائلة.
اشكالية الهوية ليست حصرا في فلسطينيي ال48
القضية الأخرى في موضوع الهوية هي ما هي رؤيتنا في الواقع الفلسطيني باعتقد انه الهوية ليست مسألة تخص مناطق 48 وحدها. اعتقد ان رام الله ايضا بالفهوم المجازي والعيني تعاني من اشكالية الهوية. وذلك ضمن تعريف المشروع الفلسطيني وواقع القضية الفلسطينية والتجزيء القسري المستدام لفلسطين كلها في المشروع الفلسطيني التحرري لا تقل عن مناطق 48. واللاجئين والشتات يعانون مشكلة الهوية ايضا وقد تكون الاصعب كونهم خارج الوطن. والهوية الفلسطينية تتأثر بمستوى النضال الفلسطيني والمرجعيات الفلسطينية وحركة التحرر الوطني الفلسطيني. ففي السبعينات حيث كانت حركة التحرر الوطني الفلسطيني تحصد حديثة العهد وتحصد الانجازات والاعتراف الدولي بالشعب الفلسطيني وحقوقه، كانت اشكاليات الهوية مختلفة عن مرحلة التراجع والتجزيء الوطني في التسعينات والمرحلة الراهنة. اليوم ايضا نحن امام الحاجة لاعادة تعريف القضية الفلسطينية كقضية واحدة عادلة والمجرم واحد وظالم وان نحدد بمفهوم انه هل نحن نبني دولة تطلعاتها رسمت في اوسلو ام نخوض نضال تحرر وطني لكل الشعب الفلسطيني ببعده العربي الاقليمي.
الهيمنة الخارجية الامريكية الصهيونية على قيادة السلطة الفلسطينية وعلى دول المنطقة العربية تشد باستمرار لتعزيز تجزيء الشعب الفلسطيني وقضيته. وعزله عن ذاته من جهة وعن الشعوب العربية من الجهة الاخرى.

العمل الاهلي الفلسطيني
بدأنا على مستوى اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) وبادرنا وليس صدفة ان تأتي المبادرة من 48 أيضا في بناء مرجعيات فلسطينية اهذا القطاع من المؤسسات. وقد عقدنا مؤتمرا في قبرص في شهر تشرين اول 2007شاركت فيه كبرى الاتحادات والشبكات والاثتلافات الفلسطينية على مستوى المجتمع المدني الفلسطيني في الوطن والشتات. وأتى ذلك في مسعى جماعي مؤسساتي منظم لتجاوز حالة الجزيئية في المجتمع الأهلي الفلسطيني وكمحفز لكل مؤسسات الشعب الفلسطيني. والمسعى يهدف الى بناء إطار جامع للعمل الأهلي الفلسطيني خارج حدود كل مجموعة فلسطينية على حدة، بل اطار نتعامل فيه مع انفسنا كشعب وعلى ادوارنا بشكل تطاملي ضمن رؤية مشتركة واهداف استراتيجية مشتركة. وبناء على تجربتنا فاننا وعندما نجلس كشعب ونتعامل مع انفسنا كشعب نتعامل مع هويتنا وحقوقنا بشكل مختلف جذريا عنه لو كنا نفكّر ونتعامل بشكل مجزّأ كمجموعات. وعندها ايضا لكنا ننظر الى اسرائيل بكل تجلياتها كواقع استعماري عنصري، بكل ما يعنيه ذلك حو مسألة المشروعية وشرعيتها.

بناء مرجعيات الشعب الفلسطيني أصبح قضية ملحّة جدا وشرطا وانقاذ المشروع التحرري ومنظمة التحرير الفلسطينية من غيابها وتغييبها والاستعاضة عنها فعليا بالسلطة الفلسطينية نتاج اتفاقية اوسلو التجزيئية. وهذا مشروع الشعب الفلسطيني وليس جزءا او اجزاء منه واستثناء اخرى. وفلسطينيو ال48 هم جزء من هذا المسار المستقبلي كما اللاجئين وسكان الضفة والقطاع.
بهذا المفهوم قضية الهوية الفلسطينية والفلسطينية في نهاية المطاف هي مركب في إعادة بناء الشعب الفلسطيني وبنيته التي يحاول المشروع الصهيوني القضاء عليها بهدف القضاء على حقوقه. الهوية هي عنوان للتحدي وعنوان مهم جدا خاصة لأجيالنا الصاعدة التي نراهن على ذاكرتها الجماعية وعلى هويتها الجماعية.


امير مخول – المدير العام لاتحاد الجمعيات العربية (اتجاه)، مركّز هيئة التنسيق للعمل الاهلي الفلسطيني في الوطن والشتات ورئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات في فلسطين48، وهو خبير في الشؤون الفلسطينية والاسرائيلية وقضايا المجتمع المدني. ameer@ittijah.org

وثيقة المجلس الصهيوني - املاء الولاء الفلسطيني لدولة اليهود

وثيقة المجلس الصهيوني: املاء الولاء الفلسطيني لدولة اليهود؟!
امير مخّول

اعلن رئيس المجلس الصهيوني وهو الجهاز الاكثر تأثيرا ضمن المنظمة الصهيونية عن وثيقة جديدة ستتبناها لاحقا الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية والهادفة الى ضبط العلاقة بين دولة اسرائيل و"الاقليات". وتتمحور وثيقة داني بن عطار رئيس الجلس المذكور في كيفية ضمان الولاء غير المشروط من قبل المواطن العربي الفلسطيني لدولة اسرائيل. وهي اشبه بخارطة طريق "الحل الدائم" للعرب في اسرائيل.

وخارطة الطريق الصهيونية هذه, والتي نشرها الصحفي يوآف شتيرن في "هآرتس" اليوم (19/2/2008) جوهرها, تهدف الى ضمان الولاء للدولة من خلال مشروع الخدمة المدنية الاستراتيجي, وتصفية الوجود العربي في انحاء النقب وتجميع سكان القرى غير المعترف بها في بلدات ثابتة بعد مصادرة قراهم واراضيهم وتدمير بيوتهم وطابع معيشتهم.

وفي المقابل تتحدث وثيقة المجلس الصهيوني عن توزيع ميزانيات وفق حصة العرب من السكان و"حكم ذاتي للحفاظ على الهوية الثقافية والقومية". اي حكم ذاتي فقط بعد ضمان اسرلة الفلسطينيين مواطني اسرائيل وولاء المواطن العربي التام وغير المشروط للدولة بما فيه التنديد "بالارهاب الموجه لاسرائيل" والقيام "بكامل واجباته من خلال الخدمة المدنية"

وتؤكد الوثيقة كذلك ان "اسرائيل التي تريد ولاء العرب لها هي دولة الشعب اليهودي لكنها ملزمة بتوفير الحقوق والواجبات المتساوية لكل مواطنيها"

ويضيف الى ذلك بعدين اخرين الواحد هو "تعزيز موقع المرأة العربية" و"خلق شريحة قيادية عربية". والشريحة القيادية تعني من ناحية عدم الاعتراف بقيادات الجماهير العربية ومؤسساتهم القيادية من ناحية – وهذا عمليا هو اساس اولي لاي تفكير جدي بحكم ذاتي. لكن بن عطار كما يبدو يقصد اعادة انتاج قيادات عربية موالية لاسرائيل وفق المعايير التي تتضمنها وثيقة المجلس الصهيوني.

ان وثيقة المجلس الصهيوني لا تختلف من حيث الجوهر عن رؤية وممارسة الجهاز الحاكم ولا الاستراتيجية الامنية المسيطرة, قد تختلف من حيث التسميات لكنها اكثر دهاء ومن هنا اكثر خطورة.

وفي مناقشتها يجدر التطرق لبعدين فيها وهما المضمون ومفاهيمها وكذلك ما هو موقفنا نحن الفلسطينيين اهل هذه البلاد من التدخل المتزايد للمنظمات الصهيونية العالمية في تحديد مصيرنا.

من حيث المضمون فان الوثيقة المطروحة التي تم التعريف بجوهرها دون تفصيلها بعد, تعمل من باب فك الارتباط بين الجماهير العربية في الداخل مع القضية الفلسطينية والغاء دورنا فيها. بل تريدنا ان نكون في حالة صدامية مع شعبنا ومع المقاومة ضد الاحتلال, وفي اعترافنا بيهودية الدولة والولاء لها تريدنا ان نكون في حالة تصادم مع اللاجئين وحقهم بالعودة والذي تضمنه الشرعية الدولية.
وتكملة لهذا النهج فان الوثيقة تسعى الى وضعنا في حالة صدام داخلي على اساس جهوي وطائفي وبين ما يسميه القامعون: "معسكر المعتدلين" و "معسكر المتطرفين". فلا تكتفي الوثيقة بالمسعى الى "انتاج شريحة قيادية جديدة" بل تؤكد مسعاها لاحداث الشرخ الاوسع داخل مجتمعنا وذلك بذكرها: "الاقليات في دولة اسرائيل ليسوا كتلة واحدة. في تحديد السياسة يجب الاخذ بالحسبان الاطياف المختلفة لابناء كل الطوائف: عرب مسلمين ومسيحيين, القطاع المدني والقطاع القروي, البدو, الدروز والشركس".

الوثيقة تربط مجمل تطورنا المستقبلي بمعادلة الولاء للدولة. فالحصول على حقوق يتطلب ولاء اكبر وهكذا. و"الحكم الذاتي" يتطلب تجاوز القيادات الحالية وخلق اسرائيل لشريحة قيادية عربية جديدة موالية وضد شعبها.

وهذه الوثيقة تؤكد مجددا جانيا اخر من مفهوم الدولة اليهودية ودولة اليهود. فهي ليست مجرد شعار بل واقع قمعي عنصري مشرعن.

موقفنا من تدخّل المنظمات الصهيونية

التدخل المباشر للمنظمات الصهيونية العاليمة بشؤون الفلسطينيين العرب في الداخل آخذ بالتصعيد. وبنظرة سريعة الى تدخلات الوكالة اليهودية غداة حرب لبنان الثانية واقامة "طاقم العمل حول العرب الاسرائيليين" والمشكّل من 72 منظمة صهيونية امريكية وكندية وبريطانية, والان المجلس الصهوني وهو الذراع التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية, ورغم الاختلافات بينهم, فان هنالك مسعى منهجي وهو ربط الجماهير العربية مصلحيا بالمنظمات الصهيونية العالمية كوكلاء لضمان الولاء لاسرائيل. فالمنظمات الصهيونية لا تتعامل مع ذاتها كونها ليست اسرائيلية او خارجية بل تتعامل بمفهوم ان اسرائيل تابعة لها بصفتها "دولة اليهود".

هناك فرق بين تعاملنا مع دولة اسرائيل من باب المسعى لنيل حقوقنا كمواطنين, وهذا حق لنا. وبين التعامل مع المنظمات الصهيونية العالمية. فوثيقة المجلس الصهيوني تدعي انها اول مرة تقوم بها منظمات الحركة الصهيونية بالتعامل مع العرب في اسرائيل. والحقيقة التاريخية وبالذات في عام النكبة الستين هي ان منظمات الحركة الصهيونية هي جزء لا يتجزأ من قيادة المشروع الاستعماري العنصري في سلب الوطن والارض والحقوق والاقتلاع والتهجير قبل العام 1948 ودون انقطاع لغاية اليوم. ومن دروس ردود فعلنا ايضا اننا كمجتمع بمؤسساتيه القيادية اولا مطالبين اخلاقيا وسياسيا برفض مبدئي للتطبيع مع المنظمات الصهيونية وهذا دورنا نحن هنا في الداخل. ومناهضتنا ليهودية الدولة تتطلب جماعيا ومنهجيا رفض التعامل مع المنظمات الصهيونية ومناهضة مشروعهم من ناحية لكن ايضا وبالاساس التأكيد انه لا يحق لهذه المنظمات التدخل بمصيرنا. فلا يمكن الامساك بعصا الاخلاق من طرفيها.

19/2/2008