عشية جولة
أوباما للمنطقه:
الإدارة
الأمريكية من صلب المشكله وليس مفتاح الحل
أمير مخول
6.3.2013
الكلمة كتبت
يوم 6.3 ووصلت بالبريد يوم أمس
تتعالى
التوقعات الفلسطينية (بخلاف الاسرائيليه) من جوله رئيس الولايات المتحده باراك أوباما
للمنطقه، والمخطط لها للعشرين من آذار 2013، مع الاخذ بالحسبان ان لا تجري في حال
تعثرت مساعي تشكيل حكومه اسرائيلية او تقرر ذلك مع سبق اصرار.
ان التعويل
على جوله أوباما، يوحي ببناء أبراج من التوقعات، دون الالتفات الى هشاشه اسس هذه
الابراج الوهميه. إذ أن جهود الولايات المتحده لتحريك "العمليه السياسيه" كما يطلقون
عليها، وأحيانا يطلقون عليها "محادثات سلام" وبغض النظر عن التسميات،
فانها تهدف الى تحريك عمليه المحادثات الاسرائيليه الفلسطينيه هذا كما هو معلن،
لكن هدف الولايات المتحده الحقيقي ليس الحل العادل لقضيه فلسطين، بل توفير الوضعيه
التي تخدم مصالحها العالمية الاستراتيجيه. فالامبرياليه الامريكيه لم تكن يوما
جزءا من الحل العادل، وليست مفتاحا له، بل هي الجزء الاقوى من المشكله، وما تسعى
له زياره أوباما هو "الحل الامريكي" و "السلام الامريكي".
لا تغيب عن
ذاكرتنا الفلسطينية تفوهات أيهود براك وشمعون بيرس بأن الدعم الذي تلقته اسرائيل
وتتلقاه من الولايات المتحده في سنوات حكم أوباما هو الأكبر الذي تلقته.
إن المراهنه
على خلافات أمريكيه اسرائيليه وبالذات كما لو كان مكان لخلافات شخصيه بين أوباما
ونتانياهو، هو مراهنه خاسره. العلاقات الاستراتيجيه بين الولايات المتحده واسرائيل
والتحيز الامريكي المطلق لاسرائيل، هما اقوى من توجهات الرئيس الامريكي، بل ان كل
رئيس امريكي يخضع لهذه العلاقه ويعمل ضمنها، كما كل مواقع القوه في السياسه
الامريكيه، التي تستثمر في قوة اسرائيل ومساندتها كجزء عضوي من المصالح العليا
للولايات المتحده.
ان ما يجعل
الولايات المتحده تغير سياساتها في فلسطين وتجاه فلسطين، هو قوة النضال الفلسطيني
وكذلك الوضع في العالم العربي والمنطقه في حال هدد المصالح الامريكيه بالهمينه على
المنطقه وخيراتها وبالذات نفطها وموقعها في الاستراتيجيه الامريكيه. فلا يوجد سوء
تفاهم في معادله الصراع ولا هي مساله اقناع بالحق الفلسطيني. وهناك امثله في ذلك،
فالانتفاضه الاولى اسقطت حكومه شامير وغيرت الراي العام الاسرائيلي حينذاك،
والمقاومه في لبنان جعلت اسرائيل تنسحب من جنوبه عام 2000 وغيرت الراي العام
الاسرائيلي دون ان تخاطبه بالمره، وادراكا للثمن الاستراتيجي، انسحبت اسرائيل من
داخل قطاع غزه، واستعاضت عن ذلك بمحاصرتها من البر والبحر والجو. فلم يسقط استعمار
من داخله الا بقدر ما قاومته الضحيه.
الولايات
المتحده معنيه كأولويه للأمن القومي ولمصالحها العليا، ان تعزز نفوذها في المنطقه،
واحدى اهم مقومات هذا المشروع هي الحفاظ على الضعف الفلسطيني والعربي والارتباط
بالمصالح الامريكيه، وذات الوقت بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي والاستراتيجي
لاسرائيل على العالم العربي، وتطبيع هذا الكيان الاستعماري الاستيطاني في فلسطين،
والهيمنه على العالم العربي والانظمه العربيه القديمه والجديده على السواء. وكما تسعى
لتجيير نتائج ثورات الشعوب العربية لصالحها.
وما يهدفه
الحل الامريكي هو ايضا، ضرب مشاريع المقاومه واسسها في المنطقه، وتعزيز الصراع
الوهمي نتاج الاستعمار وبالذات اخراج اسرائيل من معادله العداء العربي لها،
الاستعاضه عنها بايران، كما لو كانت الاخيره عدوه الشعوب العربيه والاسلام، وتعزيز
مشروع امريكي لشعوب المنطقه قائم على "صراع الحضارات" الاستعماري بين
"العرب والفرس" و "العرب والعرب" وتجزيء المنطقه العربية
وتفتيت بنيه الامه العربية – او ما تبقى منها- من خلال نعرات وحروب طائفيه ومذهبيه
وجهوية وقوميه باستثناء عدو حقيقي واحد للشعوب العربية الا وهو اسرائيل.
ان احدى اقوى
استراتيجيات الهيمنه على الشعوب هي تشتيت نضالها واستنزاف طاقاتها في معارك لا
تخدم اهدافها.
ان السعي
الامريكي للهمينه على المنطقه وللمدى الطويل، يأتي ضمن نهج الهيمنه على العالم،
وهي استراتيجيه عليا متعدده المسارات وعظيمه الامكانات والوسائل.
فمن ناحيه
ربط المنطقه بمنظومه الهيمنه المذكوره من خلال بناء نظام اقليمي متكامل خاضع لها،
ضرب ايران وتدمير قدراتها وبذلك مسعى لردع كل مقاومات وطموحات شعوب المنطقه
العربية والاسلاميه واحتوائها، سواء من خلال العقوبات والعدوان على المقاومه ام من
خلال الاحتواء بالدعم الامريكي وآليه البنك الدولي وابقاء مصر خاضعه للمحور
الامريكي ومكبله بالاتفاقيات مع اسرائيل والولايات المتحده، واضعاف دورها مقابل
مجلس التعاون الخليجي والحيلوله دون قيام ايه مقومات لتنميه مستقله لشعوب المنطقه،
وتستغل غياب برامج واهداف موحده لقوى التغيير والثوره العربية من اجل السعي لربطها
بالمصلحه الامريكيه وبالارتباط بها. انها تسعى الى خلق اصطفافات اقليميه وعالميه
تلعب فيها اسرائيل دورا مباشرا وعلنيا في
الاستراتيجيه الامريكيه لاحكام السيطره على شعوب المنطقه وخيراتها.. وهكذا فان
زياره اوباما للمنطقه هي لخدمه السياسة الامريكيه .
ان الخطاب
الامريكي القائم على "دعم الاعتدال" ومحاربه "التطرف" هو خطاب
استعماري عالمي، قائم على ارهاب الدوله العظمى المعولم، فالاعتدال والتطرف في
الحاله العربية والايرانيه هما مفردات تقاس بالموقف من اسرائيل، والعلاقه معها
وتطبيعها.
وفي هذا الصدد
من الاهمية الالتفات الى مساعي حلف شمال الاطلسي (الناتو) وعلى لسان قائده بدعوه
الدول العربية للتعاون مع اسرائيل في اطار الناتو وبالذات فيما يسمى " محاربه
الارهاب العالمي".
حتى وان كان
بالامكان استغلال زياره اوباما للمنطقه، لاثاره قضايا، استغلال حاجه الولايات
المتحده الى احداث عملية تحريك "للمحادثات"، وبالذات قضايا مثل الاسرى
والمستعمرات، لكن الامكانيات محدوده جدا. ومع هذا لا بد من استغلال ايه فسحه لاي
انجاز وهذا جار بشكل قوي مؤخرا في موضوع الاسرى ومنطقه (E1).
وايضا يجدر ان
لا نعيش في الوهم بان الولايات المتحده تريد الحل العادل لفلسطين. وكنا شاهدنا
مؤخرا كيف صوتت الولايات المتحده في الامم المتحده بشان الاعتراف بفلسطين دوله ومن
ثم دولة مراقبه، رغم ان نتائج التصويت لم تنه الاحتلال ولم تغير الواقع الاحتلالي.
ان ما يحرر
فلسطين هو شعب فلسطين مدعوما بالشعوب العربية وتضامن العالم..وما يحرر اسرى الحرية
هو ذاته شعب فلسطين.. وما يغير الراي العام الاسرائيلي، وما يحسم جوهر القرار
الاسرائيلي وحتى الموقف الامريكي والاوروبي هو ليس انتخابات الكنيست ولا الاقناع
الفلسطيني، بل قوه هذا الشعب وقوه الشعوب العربية.. وهي متوفره وطاقاتها لا تنضب..
لكن أين القرار!!