Tuesday, February 19, 2008

التصور المستقبلي للمجلس الصهيوني: الولاء الفلسطيني المطلق لدولة اليهود

التصور المستقبلي للمجلس الصهيوني: املاء الولاء الفلسطيني لدولة اليهود؟!
امير مخّول

اعلن رئيس المجلس الصهيوني وهو الجهاز الاكثر تأثيرا ضمن المنظمة الصهيونية عن وثيقة جديدة ستتبناها لاحقا الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية والهادفة الى ضبط العلاقة بين دولة اسرائيل و"الاقليات". وتتمحور وثيقة داني بن عطار رئيس الجلس المذكور في كيفية ضمان الولاء غير المشروط من قبل المواطن العربي الفلسطيني لدولة اسرائيل. وهي اشبه بخارطة طريق "الحل الدائم" للعرب في اسرائيل.

وخارطة الطريق الصهيونية هذه, والتي نشرت صحيفة "هآرتس" اليوم (19/2/2008) جوهرها, تهدف الى ضمان الولاء للدولة من خلال مشروع الخدمة المدنية الاستراتيجي, وتصفية الوجود العربي في انحاء النقب وتجميع سكان القرى غير المعترف بها في بلدات ثابتة بعد مصادرة قراهم واراضيهم وتدمير بيوتهم وطابع معيشتهم.

وفي المقابل تتحدث وثيقة المجلس الصهيوني عن توزيع ميزانيات وفق حصة العرب من السكان و"حكم ذاتي للحفاظ على الهوية الثقافية والقومية". اي حكم ذاتي فقط بعد ضمان اسرلة الفلسطينيين مواطني اسرائيل وولاء المواطن العربي التام وغير المشروط للدولة بما فيه التنديد "بالارهاب الموجه لاسرائيل" والقيام "بكامل واجباته من خلال الخدمة المدنية"

وتؤكد الوثيقة كذلك ان "اسرائيل التي تريد ولاء العرب لها هي دولة الشعب اليهودي لكنها ملزمة بتوفير الحقوق والواجبات المتساوية لكل مواطنيها"

ويضيف الى ذلك بعدين اخرين الواحد هو "تعزيز موقع المرأة العربية" و"خلق شريحة قيادية عربية". والشريحة القيادية تعني من ناحية عدم الاعتراف بقيادات الجماهير العربية ومؤسساتهم القيادية من ناحية – وهذا عمليا هو اساس اولي لاي تفكير جدي بحكم ذاتي. لكن بن عطار كما يبدو يقصد اعادة انتاج قيادات عربية موالية لاسرائيل وفق المعايير التي تتضمنها وثيقة المجلس الصهيوني.

ان وثيقة المجلس الصهيوني لا تختلف من حيث الجوهر عن رؤية وممارسة الجهاز الحاكم ولا الاستراتيجية الامنية المسيطرة, قد تختلف من حيث التسميات لكنها اكثر دهاء ومن هنا اكثر خطورة.

وفي مناقشتها يجدر التطرق لبعدين فيها وهما المضمون ومفاهيمها وكذلك ما هو موقفنا نحن الفلسطينيين اهل هذه البلاد من التدخل المتزايد للمنظمات الصهيونية العالمية في تحديد مصيرنا.

من حيث المضمون فان الوثيقة المطروحة التي تم التعريف بجوهرها دون تفصيلها بعد, تعمل من باب فك الارتباط بين الجماهير العربية في الداخل مع القضية الفلسطينية والغاء دورنا فيها. بل تريدنا ان نكون في حالة صدامية مع شعبنا ومع المقاومة ضد الاحتلال, وفي اعترافنا بيهودية الدولة والولاء لها تريدنا ان نكون في حالة تصادم مع اللاجئين وحقهم بالعودة والذي تضمنه الشرعية الدولية.
وتكملة لهذا النهج فان الوثيقة تسعى الى وضعنا في حالة صدام داخلي على اساس جهوي وطائفي وبين ما يسميه القامعون: "معسكر المعتدلين" و "معسكر المتطرفين". فلا تكتفي الوثيقة بالمسعى الى "انتاج شريحة قيادية جديدة" بل تؤكد مسعاها لاحداث الشرخ الاوسع داخل مجتمعنا وذلك بذكرها: "الاقليات في دولة اسرائيل ليسوا كتلة واحدة. في تحديد السياسة يجب الاخذ بالحسبان الاطياف المختلفة لابناء كل الطوائف: عرب مسلمين ومسيحيين, القطاع المدني والقطاع القروي, البدو, الدروز والشركس".

الوثيقة تربط مجمل تطورنا المستقبلي بمعادلة الولاء للدولة. فالحصول على حقوق يتطلب ولاء اكبر وهكذا. و"الحكم الذاتي" يتطلب تجاوز القيادات الحالية وخلق اسرائيل لشريحة قيادية عربية جديدة موالية وضد شعبها.

وهذه الوثيقة تؤكد مجددا جانيا اخر من مفهوم الدولة اليهودية ودولة اليهود. فهي ليست مجرد شعار بل واقع قمعي عنصري مشرعن.

موقفنا من تدخّل المنظمات الصهيونية

التدخل المباشر للمنظمات الصهيونية العاليمة بشؤون الفلسطينيين العرب في الداخل آخذ بالتصعيد. وبنظرة سريعة الى تدخلات الوكالة اليهودية غداة حرب لبنان الثانية واقامة "طاقم العمل حول العرب الاسرائيليين" والمشكّل من 72 منظمة صهيونية امريكية وكندية وبريطانية, والان المجلس الصهوني وهو الذراع التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية, ورغم الاختلافات بينهم, فان هنالك مسعى منهجي وهو ربط الجماهير العربية مصلحيا بالمنظمات الصهيونية العالمية كوكلاء لضمان الولاء لاسرائيل. فالمنظمات الصهيونية لا تتعامل مع ذاتها كونها ليست اسرائيلية او خارجية بل تتعامل بمفهوم ان اسرائيل تابعة لها بصفتها "دولة اليهود".

هناك فرق بين تعاملنا مع دولة اسرائيل من باب المسعى لنيل حقوقنا كمواطنين, وهذا حق لنا. وبين التعامل مع المنظمات الصهيونية العالمية. فوثيقة المجلس الصهيوني تدعي انها اول مرة تقوم بها منظمات الحركة الصهيونية بالتعامل مع العرب في اسرائيل. والحقيقة التاريخية وبالذات في عام النكبة الستين هي ان منظمات الحركة الصهيونية هي جزء لا يتجزأ من قيادة المشروع الاستعماري العنصري في سلب الوطن والارض والحقوق والاقتلاع والتهجير قبل العام 1948 ودون انقطاع لغاية اليوم. ومن دروس ردود فعلنا ايضا اننا كمجتمع بمؤسساتيه القيادية اولا مطالبين اخلاقيا وسياسيا برفض مبدئي للتطبيع مع المنظمات الصهيونية وهذا دورنا نحن هنا في الداخل. ومناهضتنا ليهودية الدولة تتطلب جماعيا ومنهجيا رفض التعامل مع المنظمات الصهيونية ومناهضة مشروعهم من ناحية لكن ايضا
وبالاساس التأكيد انه لا يحق لهذه المنظمات التدخل بمصيرنا. فلا يمكن الامساك بعصا الاخلاق من طرفيها.
19/2/2008

1 comment:

ameer makhoul said...

مقال ممتاز وما احوجنا الى تنبيهاتك ووجهة نظرك. شكرا